فاتن دعبول:
صاغ لوحاته بمزيد من العمق والوعي لقضايا مجتمعه، واستطاع أن يغوص داخل النفس ليسبر همومها وأوجاعها من سنوات الحرب التي تركت آثارها في الأرواح قبل الأجساد.
وكما غزت الحرب والصراعات موطنه وأبناء جلدته، فقد استطاعت أن تترك آثارها في نفسه وهو الذي عاينها طفلا ويافعا وشابا، وخبر بطفولته معنى أن تكون بلاده على مرمى عدو طامع يشوه كل شيء جميل في بلاده.
اختار الفنان التشكيلي مجد سوسو لمعرضه الفردي الأول الذي ضم ١٩ لوحة تراوحت أحجامها بين الكبيرة والمتوسطة، اختار أن يجسد صورا لتلك الأرواح المتعبة التي أرهقتها الحرب بسنواتها العجاف، فأبحر في أعماقها وخبر عمق ألمها فكانت مادة خصبة لمعرضه الذي استضافه المركز الوطني للفنون البصرية.
اختار الفنان التشكيلي مجد سوسو للوحاته تقنية الرسم على القماش بألوان ومواد استمدت من الطبيعة، وابتعد عن الألوان المعروفة لأسباب فكرية، فاستخدم الرمل بألوانه الطبيعية” الأصفر والأحمر والأسود” والفحم والجبصين ونشارة الخشب.
يقول: أستخدم الألوان الطبيعية دون تجميل أو تغيير لأول اللوحة والفكرة الصادقة للجمهور المتلقي، لذلك ابتعدت عن الألوان الصناعية، ورغم صعوبة هذا الأمر، لكني أؤمن بأن البقاء للحقيقة النقية.
وفي معرضه الذي استغرق التحضير له ثلاث سنوات تناول موضوعات عديدة كان الإنسان هو الموضوع الأساسي، لكنه الإنسان الذي أدمت الحرب قلبه وروحه،فاهتم بمشاعره وما تركته الحرب في نفسه بطرح بصري ذي قيمة فنية عالية.
فهو يرى أن مهمة الفنان طرح مواضيع تتعلق بواقع مجتمعه وليس البحث عن حلول لتلك القضايا العالقة، وتقديم اللوحة بشكل بصري مبسط يفهمه المتلقي على اختلاف درجة ثقافته ووضعه الاجتماعي.
وعمد الفنان في معرضه إلى استخدام عدد من الرموز مثل الكرسي الذي يرمز إلى الراحة والاستقرار، والسلم الذي يرى فيه النجاة والخلاص، والإنسان عنده هو كل إنسان بعيدا عن تمييز النوع أو الجنس.
ورغم اطلاعه على الكثير من المدارس الفنية، فإنه يؤمن أن الفنان يجب ألا يقيد نفسه بمدرسة معينة، لأن الفكر عندما يقيد لا يبدع، وعليه فهو يلجأ إلى الأسلوب الذي يساعده في تقديم فكرته وموضوعه.
ويرى أيضا أن الفنان كالفيلسوف عليه أن يسعى دائما للبحث في الفكر الذي يخدم قضايا مجتمعه ويقف عند آمالهم وآلامهم، ويقدم أفكارا جديدة ممهورة بالعمق والوعي والثقافة.
ورغم تأثره فكريا بعدد من الفنانين الكبار من مثل نزار صابور ومروان قصبه باشي ويوسف عبدلكي ،لكنه اختار لنفسه أسلوبه الخاص الذي يتميز به.
وفي معرضه الفردي الأول شكل انطباعا جميلا لدى المتلقي وكانت العبارة اللافتة التي ترددت على لسان البعض” كأنه في لوحاته يتحدث عني”.
وجدير ذكره أن الفنان مجد سوسو خريج كلية الفنون الجميلة، وله العديد من المعارض الجماعية، يرسم بفكر واع وكان لأسرته الدور الأكبر في دعمه وتشجيعه.