الثورة – يمن سليمان عباس:
أمس طالعنا الشريط الإخباري بما أعلنته السورية للاتصالات، وكذلك مؤسسة المياه، ومؤكد أن مؤسسة الكهرباء تشاركهم أن دفع الفواتير بدءاً من أول العام القادم حصراً عن طريق الدفع الإلكتروني، وعلى المواطن أن يفتح حساباً لذلك، ويحمل تطبيقاً على جهازه المحمول.
القرار تم اتخاذه وما من أحد في العالم لا يرغب أن يكون مرتاح البال في سير معاملاته مع أي مؤسسة.
ولكن هل فكرت الجهات المعنية مثلاً بالتالي: معظم المواطنين ليس لديهم من رواتبهم ما يكفي حتى منتصف الشهر ليفتحوا حساباً، ومن ثم ماذا عمن لا يعرفون التعامل مع هذه التقنيات، ولماذا علي أن أدفع لشركتي الخلوي، وهل يملك كل مواطن جهازاً حديثاً قابلاً لتحميل التطبيقات.
ناهيك عن أن معظم هواتفنا لا تشحن إلا ربع الربع، لعدم توفر التيار الكهربائي، وهل نسوا أو تناسوا سوء خدمة الانترنت، وستقضي ساعة وأكثر تكلفك ربما أكثر من قيمة فاتورتك حتى تستطيع الدفع.. كل هذا لم يؤخذ بعين الاعتبار، وكأننا سويسرا في الخدمات.
وهل نتحدث عن جانب اجتماعي آخر هو العزلة الاجتماعية التي يفرضها مثل هذا الأمر.
فمن أجمل ما قيل أن أحدهم عاتب أباه لأنه يذهب إلى المحاسب ولا يستعمل التقنيات الحديثة: فرد الأب: عندما أخرج أرى الناس.. أتعامل معهم أتحدث، رأيت فلاناً وفلاناً وعملت كذا وكذا، أليس أفضل من عزلتي في البيت.
ومن باب السؤال: كيف لامرأة وحيدة عمرها ثمانون عاماً ونيف أن تدفع الكترونياً,, وهؤلاء نسبة مهمة وموجودة.
القرارات تبدو أكثر من متسرعة، ولا تراعي جوانب اجتماعية واقتصادية كثيرة، وربما ينطبق عليها القول: قرارات جيدة بتوقيت غير مناسب.
وربما أرادتنا المؤسسات المعنية أن نبقى في عزلة لنكون مبدعين، إذ إن الكثير من المبدعين كالوا المديح للعزلة، وثمة فرق بين العزلة والوحدة.
ولكن يبقى القول الأجمل أن الجنة بلا ناس لا تداس.