ضحية اللجان العليا منذ عشرين عاماً.. تشغيل خط التجفيف في معمل سكر تل سلحب أعاد الأمل قيامة “الصناعة العامة”
الثورة – مرشد ملوك:
قد يكون لهذا الخبر من الأهمية في الوقع والأثر على من يسمعه أكثر بآلاف المرات من أخبار عشرات وعشرات الاجتماعات التي نظمتها وزارة الصناعة والجهات الوصائية ورئاسة مجلس الوزراء خلال العشرين عاماً الماضية، ابتداء من لجنة الإدارة بالأهداف ولجنة ال 35 وانتهاء باللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي بما فيه القطاع العام الصناعي الإنتاجي.
لقد أيقظ وزير الصناعة الدكتور عبد القادر جوخدار قيامة حلم “القطاع العام الصناعي الإنتاجي” في سورية، من خلال إعادة تشغيل خط المجففات في معمل سكر سلحب في منطقة الغاب الزراعية، والمدهش أن هذا الخط الحيوي لم يدخل في التشغيل منذ أكثر من 30 عاماً، وعلى هذا الأساس استطاعت كوادر وزارة الصناعة تشغيل الخط “ببوسة شوارب” أو بمكافأة من الوزير أو بدون.
يمكن أن ينطبق على اللجان العليا والخطط الخمسية لإصلاح قطاع “الصناعة العامة” المثل القائل “الي كبر ما ضرب” إذ غرقت هذه اللجان بالاستراتيجيا وبالتفاصيل وفي كل شيء وضاعت بين التكاليف المالية المخيفة لإصلاح “الصناعة العامة” وكل المكونات من كوادر وتكنولوجيا… الخ وكذلك بين الاستراتيجيا والهوية والتفاصيل في حال يناقض المهمات المطلوبة منها والدور الذي يجب أن تقوم فيه، لذلك لم تستطع أن تقدم أي شيء، ونامت أدبياتها ومذكراتها بعيداً عن أصوات خط التجفيف في سكر سلهب وفي غيره.
في الوقت الذي تتوفر فيه الإرادة والتحفيز المالي البسيط لمجموعة فنية لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة يمكنها أن تعيد خطاً إنتاجياً بالكامل إلى العمل والإنتاج.
يوم الخميس الماضي جمعني نقاش مع أحد المديرين التنفيذيين في شركة خاصة، ولدى سؤالي له إن كان يعلم سر نجاح شركة منافسة له فكان جوابه أن الشركة المنافسة أدخلت مجموعة من الأشخاص الناجحين في اختصاصتهم وفي العلاقات العامة كمساهمين فيها، أي أصبح هؤلاء من ملاك الشركة وبدون دفع مصاري كاش، لكن وفق توليفة قانونية تحفظ حق الشركة وحقهم كمساهمين وملاك في الشركة.
الفكرة بأن الظرف اليوم لم يعد يسمح بالمزاودات، لذلك قد تبدو فكرة تحويل الشركات الصناعية العامة إلى شركات مساهمة عامة يملك العمال الذين يعملون فيها أسهمها أكثر واقعية
ومن هذا تنطلق هيئة عامة وجمعية عمومية ومجلس إدارة، وإذا أردتم خلوها تشتغل على القانون 17 الناظم للعمل في القطاع الخاص، وتعمل وفق مبدأ الربح لكل من يعمل اعتباراً من المدير التنفيذي وصولاً إلى أصغر عامل، والحساب بالدرهم والبخشيش بالقنطار، هذه مجرد فكرة.. ولا شك هناك الكثير من الأفكار شرط ألا نضيع في التكاليف والتفاصيل.
في ذلك اقترح التالي:
أولاً: حسم الجدل والنقاش حول إصلاح الصناعة العامة أو عدم إصلاحها، لكن الواضح من الخطاب الحكومي الرسمي بأن النية حقيقية لإصلاح “الصناعة العامة” وهذا ما يفرض التحرك وعدم إضاعة الوقت.
ثانياً: أن تحسم اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي – والتي يترأسها رئيس مجلس الوزراء- خيارتها الاستراتيجية بأقرب وقت.. كسباً للوقت في الإصلاح وترك التفاصيل لوزارة الصناعة ممثلة بالقانونيين والفنيين في الوزارة للتحرك والعمل كما جرى في خط التجفيف في معمل سكر سلهب.
ثالثاً: المستغرب بأن هناك الكثير من القصص الكبرى والكبيرة وقد تم حسمها خلال أيام وربما ساعات، مقابل قصص لم تزل عالقة منذ عشرات السنوات، وفي هذا خسارات كبيرة للاقتصاد والمجتمع وخسارات للصديق والعدو.
رابعاً: أيها الإخوة.. ببساطة نملك الأصول العامة التي لا تقدر بثمن ونملك العمالة التي ترغب أن تعمل بعائد مجزٍ.. ونملك المال في المصارف وفي المنظمات والنقابات ومع الناس أيضاً، ومن وجهة نظري نملك كل شيء إلا الإرادة والنية الصادقة لخدمة هذه البلاد.