الثورة – رانيا حكمت صقر:
رؤية ثاقبة وخيال خصب وذكاء لغوي وامتلاكها بعداً طفولياً في شخصيتها.. كل هذا مقومات أساسية مكنتها من الدخول إلى عالم الطفل ومحاكاة خياله البسيط.
الكاتبة رؤى جوني متحدثة لـ “الثورة” عن بداية الكتابة للأطفال والاهتمام بأدب الطفل:
القصة دائماً تبدأ في الطفولة، الطفل بطبعه يمتلك خيالاً واسعاً، ورؤية خاصة لما حوله من أمور وأحداث لا تشبه الكبار بأي شكل، لذلك غالباً ما نستغرب إجابات الطفل حين نسأله عن رأيه في أي موضوع، فترانا نضحك أحياناً من كلامه أو نوبخه بسبب طريقه تفكيره.
بالنسبة لي طفولتي كانت مشبعة بالخيال والقصص، فبالإضافة لخيالي الواسع ورؤيتي الخاصة لما يجري حولي، نشأت في بيت أدبي، فوالدي الشاعر والأديب مسعود جوني، كانت مائدة الأدب حاضرة دوماً في المنزل مثل موائد الطعام، القصص، الشعر، جو الأدباء أحاديثهم وحضورهم وسهراتهم لم تنقطع يوماً، وإنني كنت أرافق والديّ في أغلب الأمسيات والسفريات التي كانت تجري، كنت لا أقرأ قصصاً منفردة على فترات، بل كانت المجموعات القصصية تأتيني كاملة، فأنكب على قراءتها وتلخيصها، كل ذلك في فترة طفولة مبكرة.
في العاشرة كانت تجربتي في الكتابة فكتبت أول مجموعة قصصية للأطفال، وكنت أكتب مذكراتي اليومية بناء على نصيحة والدي رحمه الله كي أحفز نفسي على الكتابة بشكل مستمر.
ورأت خلال ردها عن سؤالنا لها عن الأسس التي تمنحنا القدرة أن نصبح كتاباً للأطفال؟
إنها ترى أن الكتابة للطفل من أصعب أنواع الكتابة وأشقها، فالموهبة أولاً، ثم تقنياً يُجبر الكاتب على استخدام الجمل القصيرة، المختصرة، التي تعبر بعدة كلمات عن فكرة كاملة، من دون استخدام كلمات مبهمة صعبة الفهم على الطفل.
ولا شك أن في داخل كل كاتب للطفل طفل لم يكبر لا يزال يفكر بعقليته يجذبه ما يجذب الطفل، يشعر بما يسبب له الألم أو الحساسية يعيش مشكلاته الصغيرة التي يراها الطفل كبيرة، طبعاً بعد كل ذلك عليه صياغة القصة والعبرة بطريقة غير مباشرة وسلسة وحبكة شيقة تمتع الطفل.. هو أمر يحتاج لتدريب ومثابرة ومجهود وتنقيح للقصة مراراً وتكراراً.
وعن كيفية مواكبتها اهتمامات الطفل في الوقت الراهن مع انتشار التقنيات الرقمية (الكتاب الالكتروني، والألعاب الالكترونية)؟
فأوضحت أنها ترى لوجود الانترنت والوسائل الإلكترونية الحديثة أثر كبير في حياة البشر عامة، وأدب الطفل ليس بعيداً عن هذا التأثر، ولكن ككل شيء كي يستمر عليه أن يتطور ويواكب الواقع، لذلك انتشر النشر الإلكتروني بصورة كبيرة جداً، وهو أمر يحدث على مستوى العالم، وأصبحنا حتى نحن الكبار نستغني شيئاً فشيئاً عن الكتاب الورقي، وعلينا تقبل فكرة النشر على المنصات والمواقع الالكترونية، المهم أن يستمر الطفل بالقراءة وأن تصل له القيمة أو المعلومة، وكما ذكرت الإجابة عن السؤال السابق، حتى أسلوب الكتابة الذي نشأنا عليه اختلف وأصبحنا بحاجة لأسلوب جديد ممتع شيق يبتعد عن الوعظ والعبر المباشرة التي لا يتقبلها طفل اليوم بأي حال من الأحوال.
كما اعتبرت الكاتبة أن أدب الطفل ليس قاصراً على التسلية والترفيه للطفل، فلم يكن الأدب عامة وليس أدب الطفل فقط يوماً وسيلة للترفيه فقط، فالأدب إما مرآة لواقع أو مشكلة تحتاج لحل واستعصى حلّها، فقامت الجدات والحكايات بسرد ما يشبهها كي تصلنا الحلول المبطنة بالمتعة والدفء، أو أنه استخلاص عبر من أحداث الحكايات تكون داعمة لتركتنا النفسية خلال مراحل النمو.. شتان ما بين طفل قارئ وطفل غير قارئ في الوعي والصحة النفسية.
وكيف على الكاتب أن يصل لذلك؟
على الكاتب أن يكون صاحب تجربة وخبرات متراكمة، يحسن تقدير المعنى الذي يريد إيصاله وأثره لاحقاً وحساسية أدب الطفل أنه يصل لعقول تتشكل وتتفتح، لذلك علينا الحذر جداً في موضوع القيم التي نلقنه إياها، وفي الوقت نفسه لا نترك المجال مفتوحاً على مصراعيه لما يصلنا من قيم غربية أصبحت تغزونا من جميع الجهات والانفتاح الواسع الذي لا يشبهننا بأي حال من الأحوال.
.. يذكر أن الكاتبة رؤى جوني حاصلة على دبلوم إدارة أعمال ودبلوم تأهيل تربوي ودبلوم ترجمة باللغة الإنكليزية من جامعة تشرين.. كما قامت بترجمة وكتابة مقالات وقصص أطفال لمجلات (أسامة، العربي، الصغير، واز) ومجلات أدبية عربية (الشارقة الثقافية، الفجيرة، مبدعون وغيرها..) وهي رئيس قسم أدب الطفل في الاتحاد العالمي للمثقفين العرب.
مدونة لقصص أطفال على منصة (كيد زون).. من أعمالها (النافذة السحرية، روح المرح، لونا والنهر، وغيرها..).