محمد شريف جيوسي ـ كاتب أردني:
ثمة ما يشبه الإجماع بأن المستعمرة الإسرائيلية الإحلالية العنصرية لم تحقق أهدافها في الحرب العدوانية؛ التي تشنها على الشعب العربي الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية, مع تركيز ملحوظ ضد فلسطينيي غزة، في حرب إبادة تشنها بكل ما تشتمل عليه من قتل للأطفال والنساء والمسنين والمرضى والأطقم الطبية وهدم المنازل والمستشفيات والمدارس ودور العبادة والمؤسسات العامة والخاصة بل وأيضاً اغتيال القيادات.
كل ذلك لا ولن يحقق الغلبة لمن يشن حرباً عدوانية؛ أياً كان المعتدي تجاه شعب صاحب حق وذي إرادة وعزيمة، صمم على الانتصار واستعادة حقوقه كاملة مهما كان حجم التضحيات، كالشعب العربي الفلسطيني.
بل أن حرب الإبادة التي تشنها المستعمرة الإسرائيلية ـ الآن انعكست وتنعكس سلباً عليها سواء لدى شوارع الغرب المغيّب وعيها على مدى عقود، حيث استيقظت الآن لتدرك الحقيقة على نحو واسع، كما العديد من النخب السياسية والثقافية في العالم، ما لم يكن بالحسبان وسط دعوات معلنة تتخذ شيئاً فشيئاً أساليب منظمة، لمراجعة سياساتها تجاه “إسرائيل”، وبالتالي لا بد ستنعكس على أغلب النظم السياسية الداعمة، بخاصة وأن الولايات المتحدة فرضت جملة ممارسات سياسية واقتصادية منهكة في حربها الأوكرانية على روسيا.
لقد أدركت واشنطن مغبة تململ أوروبا النسبي بفعل ضغط شوارعها، ما يعني توقفها عن دعم “إسرائيل” أو تقليص الدعم ولو بعد حين، فتوجهت إلى 6 دول في الإقليم بينها تركيا وقطر لتساندها فيما زعمت أنه (عدم توسيع الحرب) فيما الحقيقة توسيعها عبر أقلمتها لتحمل هذه كتفاً عن أمريكا عسكرياً ومالياً ومجالاً جغرافياً لتحركات بوارجها وطائراتها وقواتها البرية، بمواجهة العراق أيضاً الذي أعلن رئيس حكومته مؤخراً أنه لم تعد ثمة ضرورة لتواجد التحالف الدولي في العراق، ولإعادة تصعيد الحرب على اليمن، وتهجير الفلسطينيين قسراً إلى دول الجوار، بخاصة بعد صدور تقارير إسرائيلية تقول بأن الضفة الفلسطينية مقبلة على انفجار.
وتزامنت هذه التقارير بتوجيه تهديدات لكل من المقاومة اللبنانية، ولسورية التي أفشلت الحرب الإرهابية الدولية عليها ـ ولم يجد الحصار الاقتصادي بفرض إرادة أعدائها عليها..
من الواضح أن القيادتين الحاكمتين في كل من المستعمرة الإسرائيلية والبيت الأبيض الأمريكي تغلبان مصالحهما العدوانية فتتورطان أكثر في مأزقهما بدلاً من القبول بالدعوات العالمية العقلانية، الأمر الذي سيجر الحماقات والانسداد الأمريكي الإسرائيلي إلى توسيع رقعة الحرب بالتدريج وتحولها إلى حرب عالمية ثالثة، ما لم يحدث تغيير جوهري في أمريكا، وهو أمر ضئيل الاحتمال.
ولا بد أن قيام حرب عالمية ثالثة بمواصفات مختلفة، سيعجّل ويجذر قيام نظام عالمي جديد، وسيكون على حساب عقيدة النظام الاستعماري الإمبريالي العدواني العنصري بكل ارتكاباته وحروبه.