الثورة – ناصر منذر:
في خطوة هي الأولى على مسار مساءلة الكيان الصهيوني على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني على مدار 75 عاما منذ اغتصابه فلسطين، تمثل “إسرائيل”، القوة القائمة بالاحتلال، اليوم أمام محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي بهولندا في الدعوى التي قدمتها ضدها دولة جنوب إفريقيا، بسبب ارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وهذه المرة الأولى التي تمثل فيها حكومة الاحتلال أمام المحكمة الدولية، حيث ينتظر أن تساهم الدعوى المقدمة ضدها في تحقيق العدالة الدولية، لمساءلتها على جرائمها، لاسيما وأن قرارات المحكمة ملزمة لجميع الدول ليس فقط بعدم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، بل بمنعها والمعاقبة عليها.
وبموجب الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا في التاسع والعشرين من شهر كانون الأول الماضي على خلفية تورط “إسرائيل” في أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حددت المحكمة يومي 11 و12 كانون الثاني الجاري لعقد جلسات الاستماع.
وبحسب متابعين وخبراء قانون، تقدم جنوب إفريقيا مرافعة من 84 صفحة باللغة الإنكليزية، تعرض خلالها دلائل على انتهاك “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتورطها بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وطلبت جنوب إفريقيا في الدعوى لمحكمة العدل الدولية “الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل الحماية من الضرر الإضافي الجسيم وغير القابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ولضمان امتثال “إسرائيل” لالتزاماتها بموجب الاتفاقية بعدم المشاركة في الإبادة الجماعية، ومنعها، والمعاقبة عليها”.
ونقلت وكالة وفا عن مساعد وزير الخارجية للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة عمر عوض الله، قوله في هذا السياق: “إن خطوة جنوب إفريقيا الشجاعة تتسق مع المسار القانوني الذي اعتمدته دولة فلسطين لمساءلة ومحاسبة “إسرائيل” على جرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني على مدار 75 عاما”.
وأوضح أن جنوب إفريقيا الدولة العضو في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي وقعت عليها 153 دولة من ضمنها “إسرائيل”، قدمت قضية خلافية لمحكمة العدل الدولية لاتخاذ التدابير المؤقتة اللازمة والعاجلة لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني، والكف عن فرض ظروف معيشية متعمدة تهدف إلى تصفيتهم جسديًا كمجموعة، ولمنع ومعاقبة ارتكاب، والتآمر، والتواطؤ، والتحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية، وإلغاء السياسات والممارسات ذات الصلة، بما في ذلك ما يتعلق بتقييد دخول المساعدات ومخططات التهجير القسري.
وبين أن حيثيات الدعوى تناقش أيضا نية المسؤولين الإسرائيليين ارتكاب والاستمرار في ارتكاب أعمال إبادة جماعية من خلال تصريحاتهم، التي حاولت شيطنة الفلسطينيين ونزع الصفة الإنسانية عنهم لتنفيذ مخططات الإبادة الجماعية بحقهم.
واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، اعتمدت من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 كانون الأول عام 1948، وبدأ سريانها في 12 كانون الثاني 1951.
هذا وكانت بوليفيا كأول دولة في أميركا اللاتينية، قد أعلنت وقت سابق تأييدها للدعوى المقدمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشيدة بالخطوة التي اتخذتها جنوب إفريقيا بهذا الصدد، واعتبرتها خطوة تاريخية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، مؤكدة ضرورة دعم هذه المبادرة من المجتمع الدولي.
وبانتظار نتائج جلسات المساءلة والمحاكمة، فإن أحرار العالم يأملون أن تتخذ المحكمة الدولية قرارا جريئا بإدانة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه الوحشية، ومحاكمة مسؤوليه بوصفهم مجرمو حرب، وذلك إنصافا لحقوق الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة.