أ. د. جو رح جبور
عاش في لاهاي عملاق دبلوماسي فكري هو السفير صلاح الدين الطرزي أول سوري ينتخب عضوا في محكمة العدل الدولية. قال لي ملحاً وهو يودعني مغادراً دمشق إلى مكان عمله الجديد. حين تكون على مسافة قريبة من لاهاي في إحدى سفراتك قم بزيارتنا.
الزمان. صيف 1980. هتفت له من ألمانيا. هتف مرتاحاً بعد يومين. برنامجك غني مفيد. ثم حفل غداء يكون معنا فيه رئيس محكمة العدل الدولية وبعض الأعضاء.
وصلت ظهراً. هتفت إلى منزله. صدمت. توفى نتيجة حادث مرور. في اليوم التالي كنت مع رئيس المحكمة وأعضائها نحيط بالجثمان المسجى في بهو المحكمة. نتبادل الحديث عن ميزات سوري كانت له أفضال في حصول بعض الدول على استقلالها من خلال لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة. كان السفير الأستاذ الدكتور الطرزي الأكثر إحاطةً من زملائه في شؤون تصفية الاستعمار.
عادت إلى الذهن تلك الحادثة الأليمة في أيامنا هذه ومحكمة العدل الدولية حديث العالم. رحم الله الدكتور الطرزي. والتحية لشهداء غزة والنصر لفلسطين.
أعود إلى حديث المحكمة اليوم.. يقال: إن من المتوقع صدور أول قرار عن المحكمة في غضون شهر.
أخالف.. لأن المحكمة تواجه وضعاً إنسانياً مؤلماً هو استمرار القتل، ولأن الجانب العام بل فلنقل السياسي في نظرية المحكمة واضح فهي رغم كل قانونيتها واستقلاليتها جهاز في منظمة الأمم المتحدة، ولأن حفظ السلم هو الانشغال الأول للمنظمة.
إنني أتوقع ألا تستمر شهراً في النظر قبل اتخاذ إجراء. ثمة شبه إجماع عالمي على وقف إطلاق النار.
ولن يستطيع أعضاء المحكمة إرضاء ضمائرهم إن سمحوا باستمرار القتل وهم يعلمون أنهم يستطيعون المساهمة في وقفه. لا يعني هذا أن المحكمة ستوقف القتل. هي ستقرر وقفه. وسيتم ذلك قبل موعد الشهر المتداول.
* دمشق في صباح 13 كانون ثاني 2024