الثورة – ترجمة ختام أحمد:
“مع الهجوم على اليمن, الولايات المتحدة وقحة: “نحن نصنع القواعد، ونكسر القواعد”.. هذه الجملة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في أعلى الصفحة الأولى يوم الجمعة بعد أن نفذت الولايات المتحدة وحفنة من حلفائها يوم الخميس ضربات عسكرية ضد أكثر من عشرة أهداف في اليمن.
وزعم مسؤولون أمريكيون إنهم لا يريدون توسيع الحرب في الشرق الأوسط، “وقد سعت إدارة بايدن إلى تجنب هذه الضربات لمدة ثلاثة أشهر”، لذا ومنذ البداية صورت تغطية الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة باعتباره عملاً مبرراً وتم اتخاذه بعد فشل كل الخيارات السلمية، وليس عملاً عدوانياً ينتهك القانون الدولي.
وفي يوم الخميس الماضي، أصدر الرئيس بايدن بياناً قائلاً: “إن هذه الضربات هي رد مباشر على هجمات صنعاء غير المسبوقة ضد السفن البحرية الدولية في البحر الأحمر”.
ولم يذكر أن تلك الهجمات جاءت رداً على الحرب الإسرائيلية وعلى القتل الجماعي وتهجير سكان غزة وتدمير كل شيء في غزة، وأنهم يستهدفون فقط السفن الإسرائيلية، هذا الموضوع لم يتطرق إليه بايدن في تبرير ضرباته.
في الواقع، بدأت قوات صنعاء “في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار باتجاه “إسرائيل” ومهاجمة حركة الشحن في البحر الأحمر رداً على الهجوم الإسرائيلي على غزة”.
وكما أشار تريتا بارسي من معهد كوينسي، فإن صنعاء أعلنت أنها ستتوقف عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر إذا أوقفت “إسرائيل” عمليات القتل الجماعي في غزة، وهذا النوع من الحلول لا يروق للرئيس بايدن أو وزير الخارجية أنتوني بلينكن، كيف لا وهم أصحاب مقولة: “القوة تصنع الحق” (كان هذا النهج ضمنياً في منتصف عام 2002، عندما ترأس السيناتور بايدن آنذاك جلسات الاستماع التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والتي روجت لدعم الولايات المتحدة لغزو العراق؛ وفي ذلك الوقت كان بلينكن رئيساً لموظفي اللجنة) والآن، بصفته المسؤول عن وزارة الخارجية، فإن بلينكن مغرم بالترويج للحاجة إلى “نظام دولي قائم على القواعد” وخلال خطاب ألقاه في واشنطن عام 2022، أعلن ضرورة “إدارة العلاقات بين الدول، ومنع الصراعات، ودعم حقوق جميع الناس.”.
وقبل شهرين أعلن أن دول مجموعة السبع متحدة من أجل “نظام دولي قائم على القواعد”. ولكن لأكثر من ثلاثة أشهر، قدم بلينكن تياراً مستمراً من الخطاب السطحي لدعم القتل المنهجي المستمر للمدنيين الفلسطينيين في غزة، فقبل أيام وفي كلمة له في السفارة الأميركية في “إسرائيل” دافع عنهم ووقف إلى جانب الحرب على الرغم من الأدلة الوفيرة التي تشير إلى حرب إبادة جماعية، مدعياً أن “تهمة الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة.”.
تتضامن صنعاء بشكل علني مع الشعب الفلسطيني، في حين تواصل حكومة الولايات المتحدة تسليح القوات الإسرائيلية على نطاق واسع الذي يذبح المدنيين ويدمر غزة بشكل منهجي، و بلينكن منغمس في الرسائل الأورويلية لدرجة أنه – بعد عدة أسابيع من المذبحة – غرّد قائلاً إن الولايات المتحدة وشركائها في مجموعة السبع “يقفون متحدين في إدانتنا للحرب الروسية في أوكرانيا، دعماً لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقاً للقانون الدولي”. وفي الحفاظ على نظام دولي قائم على القواعد”.ليس هناك أي شيء غير عادي في التفكير المزدوج المتطرف الذي يُفرض على عامة الناس من قبل الأشخاص الذين يديرون السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إن الازدواجية في المعايير والتناقض في الأفكار هو الطابع السائد على السياسة الأمريكية، يستخدمون المنطق ضد المنطق، و ينكرون الأخلاق ويطالبون بها.”.
بعد انتشار الأخبار حول الهجوم على اليمن، سارع عدد من الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس النواب إلى انتهاز الفرصة للتحدث ضد جولة بايدن الانتخابية النهائية وأنه انتهك بشكل صارخ الدستور من خلال خوض الحرب من تلقاء نفسه، وكانت بعض التعليقات واضحة بشكل جدير بالثناء، ولكن ربما لم تكن أكثر وضوحاً من بيان أدلى به المرشح جو بايدن في 6 كانون الثاني 2020: “لا ينبغي للرئيس أن يأخذ هذه الأمة إلى الحرب دون موافقة مستنيرة من الشعب الأمريكي”.
ومثل تلك العبارة المبتذلة التي يمكن التخلص منها، فإن كل الهراء الأورويلي القادم من أعلى حكومة الولايات المتحدة حول السعي إلى “نظام دولي قائم على القواعد” ليس أكثر من مجرد عملية احتيال وقحة في العلاقات العامة.
إن الكم الهائل من عمليات نفخ الدخان الرسمية الجارية الآن لا يمكن أن يخفي حقيقة أن حكومة الولايات المتحدة هي أقوى وأخطر دولة خارجة عن القانون في العالم.
المصدر – كاونتر بانش