بحثاً عن مفكّر.. لا يشبه «أتيلا» أو «الطبيب الساحر»

هفاف ميهوب
“رذيلة الإنسان الأولى ومصدر شروره كلّها، عدم التركيز الذهني، أي إيقاف وعيه، ولا أعني بذلك العمى بل رفض البصيرة، ولا أعني الجهل بل رفض المعرفة”.
كلماتٌ لكاتبة أميركية من أصلٍ روسي، لم تكتفِ بما قدّمته من أعمالٍ أدبية، ليكون أكثر ما عُرف عنها، تطويرها لنظامٍ فلسفيّ جديد، أطلقت عليه اسم الموضوعية.
إنها “آين راند”.. الفيلسوفة التي أثارت جدلاً فكرياً واسعاً، في عالمٍ تحدّت مذاهبه الفلسفية السائدة، وما تحمله من إحساسٍ بالذنب والذعر والقلق واليأس، وغير ذلك مما رفضته وجعلها تضع فلسفتها الخاصة “من أجلِ مفكّرًٍ جديد”..
إنه الكتاب الذي حكمت فيه على كلّ ثقافة، من خلال فلسفتها والاتّجاه السائد لدى مفكرّيها، وهو الاتّجاه الذي لم يكن يتجسّد لديها في مجال المعرفة فقط، بل في مجالات الأخلاق والسياسة والاقتصاد والفن، ليكون من يقود ثقافة هذا الاتّجاه برأيها:
“المفكرون هم صوت الثقافة في أيّ مجتمع كان”..
تقدّم أمثلة، وتختار أكبر وأكثر دولة تدّعي حرية التعبير والفكر.. أميركا التي تشير إلى أن سبب انهيارها، ورغم قدراتها وقواها الهائلة:
“مايحدث في الولايات المتحدة الأميركية من انهيار، هو انهيارٌ على مستوى قيادتها الفكرية، ولهذا تناثرت قيمها وقواها الهائلة، في جوفٍ صامت، وستبقى منعزلة وغير موضوعية وراهنة، إذا بقيت من غير تعبيرٍ فكريّ”..
ما أرادت قوله هنا، بأن أيّ بلدٍ، ومهما كان قوياً ومتغطرساً ومهيمناً، هو أشبه بجسدٍ لا رأس له. أي لافكر فيه ولا مفكرين حقيقيين، وهو ما قصدت به أيضاً أميركا، حيث الانحلال الثقافي الذي شهدته، وأشارت إلى أن سببه:
“الانحلال الثقافي الذي نشهده اليوم في أميركا، يعود إلى عدم وجود مفكّرين حقيقيّين فيها، إضافة إلى أن أغلبية من نعتقد أنهم مفكرون، ليسوا إلا أشخاصاً بليدين فكرياً، ويتّسمون بالارتباك واصطناع المواقف”..
لم تقصد “راند” هنا، من يفكّرون بعقولهم فقط، بل وبأخلاقهم وإنسانيّتهم وفنونهم، وكلّ منهم لطالما إن تحوّلت الأخلاق إلى سلاحٍ لاستعباد الإنسان وتدميره وإعماء بصيرته، تكون قد انفصلت عن العقل والقيمة والإنجاز والنجاح بقيمته وحقيقته..
هذا بعض ما تناولته “راند” في كتابها “من أجل مفكرٍ جديد”.. المفكّر المثقف في فلسفته، التي استخدمت مصطلحين لتوضيح ما كانت عليه عبر تاريخها.. “أتيلا ” و”الطبيب الساحر” اللذين رأت فيهما، كلّ المشاركين في تاريخ البشرية، وسواء قوى الشرّ التي تستخدم القوة لتحقيق الأهداف، أو الفلاسفة والمثقفين والمتديّنين، ممن يمارسون التأثير على الناس لصالح قوى الشرّ، وهو ما دلّت على نتائجه بحكمتها الفلسفية:
“لا يمكن لأي بديلٍ، أن يقوم بعملية التفكير بالنيابة عنك، أو أن يعيش حياتك.. إن أبشع أشكال تدمير الذات، هو اتباع عقلك بعقلِ شخصٍ آخر، وقبول وجود سلطة ما على عقلك”..
لا شكّ أنها مسؤولية المفكر الجديد، الذي سعت “راند” للدلالة عليه، من خلال استعراضها الطويل لتاريخ الفلسفة الذي عارضتها، آملةً بأن يكتسب المثقف أو المفكر الجديد، مكانة لائقة وبارزة، وأن يعزّز: “استخدام العقل لإقناع الآخرين، بدلاً من الاعتماد على القوة، أو التهديد باستخدام القوة، من أجل الاقناع بالخوف”.

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً