الكثير من المشكلات والقضايا التي تواجه جهاتنا العامة وتنعكس سلباً -بشكل مباشر أو غير مباشر- على المصلحة العامة والمواطن، لايتم التصدي لها من قبل أصحاب القرار بالشكل والمضمون الصحيحين اللذين يؤديان لمعالجة أسبابها ونتائجها، إنما يتم التعامل معها بشكل نمطي وروتيني لايؤدي إلى أي نتيجة إيجابية، ما جعل المعاناة تتفاقم والمشكلات تتزايد بعكس ما يجب أن يحصل.
خذوا مثلاً قضية(ظاهرة)سرقة الأمراس النحاسية والمعدات الكهربائية من الشبكات والمحولات في كل المحافظات ومنها طرطوس، فهذه الظاهرة تستفحل يوماً بعد آخر وعاماً بعد آخر، دون أن نلمس أي تحرك جدي ومجدٍ من السلطات المعنية للحد من السرقات وقمع اللصوص والناقلين والمتاجرين بالمسروقات، ولدرجة بتنا نشعر فيها أن (الدنيا سايبة)خاصة بعد أن تبين أن كمية المسروقات خلال العام الماضي في طرطوس لوحدها بلغت 84 طناً من الشبكات والمعدات النحاسية قيمتها 18 مليار ليرة، بينما كانت كمية المسروقات عام 2022 أقل من 36 طناً قيمتها 3،5 مليارات ليرة وكانت 2021 اقل من ذلك بكثير..الخ وهنا نسأل لو كان أصحاب القرار وضعوا خطة صحيحة مع آلية عمل ومتابعة للوقاية والعلاج هل وصلت الأمور إلى هذا الحد الخطر ؟ بالتأكيد كلا
ومثال آخر يتعلق باستمرار ارتفاع الأسعار بقرارات عديدة أرهقت الناس وزادت من نسبة الفقر بشكل غير مسبوق في بلدنا، ورغم هذه الارتفاعات والزيادات لم نلمس ارتفاعاً في وتيرة العمل الحكومي لمعالجة الأسباب الحقيقية ولم نشهد عملاً نوعياً استثنائياً يتناسب طرداً مع تلك المعاناة والحالات الاستثنائية التي يتعرض لها المواطن، فالأداء الحكومي وعلى كل المستويات ما زال في معظمه يعيش حالة من النمطية والروتين والارتجالية والفردية والخوف والتردد والتجريب، وهذا ما فاقم ويفاقم الأمور سوءاً بكل أسف..!
وأختم بالقول: إن استمرار تفكير المعنيين واستمرار أدائهم من (داخل الصندوق) كما هو الحال منذ ما قبل الأزمة، وما قبل آثارها وتداعياتها الخطرة، سيؤدي لاستمرار المعاناة وتفاقم الآلام يوماً بعد آخر وصولاً لمرحلة قد لاتجدي فيها أي حلول مهما كانت مناسبة.