الثورة _ ريم صالح:
تعيد المشاهد اليومية للنزوح المتكرر الذي يواجهه أهالي قطاع غزة المنكوب، تعيد إلى الذاكرة مآسي النكبات المتواصلة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ اغتصاب فلسطين، حيث لم يزل الاحتلال يرتكب المزيد من المجازر الوحشية، فضلاً عن الانتهاكات اليومية بحق هذا الشعب بهدف تهجيره قسرياً.
فبين زخات من الرصاص والقصف الصاروخي والمدفعي تستمر قوات الاحتلال في دفع الفلسطينيين للنزوح من أماكن سكنهم في شمال القطاع ووسطه، وحتى أنها تلاحق بدباباتها النازحين في خان يونس جنوباً، وتطلق وابلاً من الرصاص تجاه خيامهم لإجبارهم على النزوح مرة أخرى في ظروف جوية باردة ماطرة فاقمت معاناتهم، ودفعتهم إلى أقصى الجنوب في رفح.
وفي تقرير أوردته وكالة وفا، أشارت إلى أن مشاهد نزوح أهالي القطاع بسبب العدوان، تتكرر بشكل يومي، وأنه بين خيمة وخيمة بمخيمات النزوح ترى كبار السن يتأملون حالهم الذي يعيد إلى أذهانهم نكبتهم الأولى، ينظرون حولهم ليروا أنهم لم يكونوا نهاية تلك القصة، فها هم أبناؤهم وأحفادهم يتذوقون حسرتهم الأولى بعد أن عاد مرُّ طعمها إليهم.
ووثقت الوكالة حالة المسنين في القطاع، وهم المهجرون من أرضهم المحتلة عام 1948، و هم اليوم يواكبون تجربتهم الثانية بالتهجير القسري من بيوتهم إلى جنوب قطاع غزة، وهم قد أجبروا على النزوح أكثر من مرة بحثاً عن الأمان في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد أبناء قطاع غزة.
وتعد معاناة النزوح وتكراره لمرات عديدة خلال عدوان الاحتلال على قطاع غزة كارثة إنسانية، وخاصة في ظل الحصار المتواصل ومنع إدخال المساعدات الإنسانية حيث تتفاقم معاناتهم أكثر عندما لا يجدون مياهاً صالحة للشرب أو حتى أدنى ما يأكلون، وتشير التقديرات إلى أن 85% من مواطني قطاع غزة (حوالي 1.93 مليون مدني) مهجرون قسراً، بمن في ذلك العديد ممن نزحوا عدة مرات، حيث تضطر العائلات إلى التنقل بشكل متكرر بحثاً عن الأمان، وقد تم تسجيل ما يقرب من 1.4 مليون نازح داخلي في 155 منشأة تابعة للأونروا في مختلف أنحاء غزة، منهم حوالي مليون مسجل في 94 ملجأ للأونروا في الجنوب.