ظافر أحمد أحمد:
تتطلب متابعة شؤون الحدث الفلسطيني بين الحين والحين تبويب شؤون الخسائر الإسرائيلية، وهي خسائر يتهرب الاحتلال من إعلانها، ويطبق حصاراً إعلامياً شديداً عليها، ومع ذلك يتكفل المعلن منها بتصنيف حالة الاحتلال بأنّها المرحلة الأكثر كارثية على كيان يمثل أولوية مشروع الهيمنة الغربية في المنطقة العربية..
لأوّل مرة من عمر الصراع العربي الإسرائيلي المديد يمكن الحديث عن حالة تشبه الحصار البحري على كيان الاحتلال يفرضها طرف عربي وقد تكفلت فصائل يمنية بهذه المهمة..
لأوّل مرة يشهد شمال فلسطين المحتلة إفراغاً شبه تام من المستوطنين وتكفلت المقاومة الوطنية اللبنانية بهذه النتيجة، ولأوّل مرة يسمع العقل العربي ويعاين العالم ظاهرة نزوح إسرائيلي بالآلاف داخل الكيان من مستوطنات غلاف غزة أيضاً..
لأوّل مرة يتعرض الاحتلال لهذا الكم من الخسائر في عتاده وصفوف جنوده القتلى والجرحى والأسرى، وإنّ ما يسمح بنشره لا يمثل سوى القليل مما يخفيه، وسيكشفه المستقبل القريب..
لأوّل مرة تمارس المقاومة الفلسطينية وباقي المقاومات العربية الحية حرباً نفسية تستهدف فيها مستوطني الاحتلال وتنجح بها وباعتراف الإعلام الإسرائيلي ذاته..
لأوّل مرة سلاح المقاومة يكون فعّالاً ويفرض العقل المقاوم حضوره في مجال التصنيع وتطوير السلاح وبإمكانات محلية وفقيرة ويواجه التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة ويورطها في فضائح فشل..
لأوّل مرة تتمكن الرواية الإعلامية الفلسطينية الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي، من التغلغل في صفوف الجماهير على امتداد الكرة الأرضية..
لأوّل مرة تستطيل حالة حرب يرغم الاحتلال على القيام بها وهو الذي لم يتمكن من تحديد ساعة الصفر لها، وحتى الآن عاجز عن تحديد موعد نهايتها..
لأوّل مرة وتيرة الهجرة من الاحتلال مرتفعة وتشهد أرقاماً يحاصرها الاحتلال الذي يعرف بأنّه كيان تشكل من هجرة متعددي الجنسيات إليه ويتفكك تدريجياً بالهجرة المعاكسة منه..
لأوّل مرة يصبح الاقتصاد الإسرائيلي شديد الخسائر ويمثل حالة استنزاف لتمويل آلة الحرب ويستنزف نسبياً اقتصاد الداعم الغربي له، ولكن تأثيراته الكبرى على قطاع الأعمال والاستثمارات الإسرائيلية ويخلخل استقرار مستوطني الكيان الذين كانوا يظنون أنّهم آمنون بإقامتهم وأموالهم وأعمالهم ووظائفهم..، وفوجئوا بأنّ استقرارهم هو خدعة صهيونية…
لأوّل مرة يتكفل الحدث الفلسطيني في تسخين المناطق الخاصة بأماكن توزّع القواعد اللاشرعية الخاصة بالاحتلال الأميركي وأماكن انتشاره في المنطقة..
وتكثر النتائج المثبتة والفعلية بانتظار نتائج خواتيم الحرب الحالية والتي مهما طالت أو قصرت لن تتكفل بختام استسلامي لمسار الصراع العربي الإسرائيلي، الذي تثبت الوقائع بأنّ استمراريته مرتبطة بوجود حالة احتلال تستدعي مسار مقاومة تعمل للتحرير دائماً..