الثورة – علا محمد:
ينتظر الآباء بتوق تلك اللحظة التي ينطق فيها طفلهما للمرة الأولى، فيبدؤون منذ شهور حياته الأولى ترديد بعض الكلمات البسيطة أمامه ليتعلمها، ويبدأ من خلالها خطواته الأفضل في تعلم النطق والكلام.. ولكن قد يحدث أحياناً أن يتأخر الطفل في نطق الكلمات، الأمر الذي يستدعي قلق الآباء وينذر بوجود مشكلة.
والدة الطفل جواد تحدثت لنا عن تجربة طفلها مع تأخر الكلام قائلةً : من خلال متابعة ابني لاحظت أن هناك تأخراً في الكلام وهو في عمر السنتين فعرضته على طبيب الأطفال، والذي أكد لي أنه لا يوجد أي أعراض ظاهرة عليه من أي مرض ونصحني بأن أحيط طفلي بعدد كبير من الأطفال حتى يندمج معهم وبالفعل في عمر السنتين و ٨ أشهر بدأ الكلام بالشكل الطبيعي.
من جانبٍ آخر إحدى الأمهات عانت مع تأخر طفلها في النطق و كان قد تجاوز الـ٣ سنوات من عمره مع فشل محاولاتهم في العائلة لجعله يردد معهم أبسط الكلمات، إلا أنه كان يعاني من صعوبة في نطقها و بعد عرضه للطبيب الذي أكد أيضاً أنه لا يعاني من مشكلة في سمعه، ولا في حباله الصوتية، ولا من أي مرضٍ يذكر، ونصحهم بضرورة عرضه على اختصاصي للنطق والتخاطب مع الأطفال وبالفعل خضع الطفل لجلسات تدريب وتخاطب و بدأ بالتحسن بعد عدة شهور.
والجدير بالذكر أن هناك عائلات ترفض عرض طفلها على اختصاصي نطق لجهلٍ منهم وعدم ثقتهم بالجدوى من ذلك، واعتباره أمراً عرضياً يزول من تلقاء نفسه مع الوقت.
فكان لابد من التعريف أكثر بهذا الاضطراب وكيفية تعاطي الأهل معه، اختصاصية النطق فاطمة سعد الدين التي بينت في حديثها لـ”الثورة” أن الطفل يبدأ في التواصل مع من حوله قبل عمر السنة من خلال المناغاة المتكررة (بابابا، دادادا وغيرها)، لكن أول كلمة يُفترض أن يطلقها الطفل لها معنى واضح تكون عند إتمامه عامه الأول، إلا أنه ولأسباب متعددة قد يتأخر النطق عند الأطفال فقد تكون نتيجة إصابة دماغية (أثناء أو قبل أو بعد الولادة)، وقد تكون نتيجة ضعف سمعي، أو تأخر ناتج عن اضطرابات نفسية و أخيراً نتيجة حرمان بيئي نظراً لعدم تعرض الطفل للبيئة المثالية التي تساعد على اكتساب اللغة.
من هنا أشارت سعد الدين إلى أهمية التواصل الدائم مع الطفل لتجنب هذه المشكلة وذلك بالحديث معه بما يناسب عمره حتى لا يقع الطفل ضحية التلفاز والهواتف الذكية والتي لها أثراً سيئاً على اكتساب اللغة عند الطفل، وقد تتسبب في تأخر النطق عنده، بالإضافة إلى التفاعل بشكلٍ أكثر مع الطفل الذي يُعاني من مشكلة في الثقة وذلك بوضعه بين أطفالٍ آخرين، وتشجيعه على عدم استخدام الإشارة لكي لا يشعر بأن النطق غير ضروري.
كما أكدت على وجوب التحلي بالصبر وقضاء وقت أكثر في عملية التنمية اللغوية للطفل المتأخر في النطق لأن استيعابه يكون أقل من غيره من الأطفال العاديين، وفي حال شعر الأهل أن الطفل منذ شهوره الأولى لا يسمع جيداً أو لا ينتبه للأصوات المختلفة من حوله أو لاحظوا اكتمال عام الطفل الأول من دون نطق بعض الكلمات البسيطة مثل (بابا، ماما) فلا بد من اللجوء إلى طبيب أطفال لتقييم وضع الطفل ومن ثم إحالته لاختصاصي النطق الذي بدوره سيتحقق ما إذا كان الطفل يواجه صعوبة في إصدار أصوات معينة، أو التحدث ببعض الكلمات أو المقاطع، وسيعمل من خلال جلسات تدريبية على التفاعل مع الطفل بالتحدث واللعب واستخدام الكتب والصور كجزء من التدخل اللغوي للمساعدة في تحفيز تطوير اللغة، بالإضافة إلى تدريبات اللسان وتقوية عضلاته لعلاج التلعثم.
وذكرت الاختصاصية أن الجلسة تترواح بين ٢٠_٢٥ دقيقة بناءً على حالة الطفل ومدى استجابته للاختصاصي.
وأشارت في نهاية حديثها إلى أن تأخر النطق أو اضطرابه، مرضاً كان أم حالة عرضية، كلاهما يُعالج وليس على الآباء سوى التدخل المبكر في العلاج.