شكّل قرار مجلس الوزراء الصادر أمس بخصوص التعويض على متضرري الفيضان في سهل عكار، صدمة كبيرة على المتضررين وأسرهم بشكل خاص، وعلى الفلاحين وسكان السهل ومحافظة طرطوس بشكل عام، بعد أن أُعلن عن رقم التعويض الذي لا يساوي شيئاً يذكر مقارنة بالخسائر المالية الضخمة التي خلفتها الكارثة الطبيعية التي وقعت وبتداعياتها المتوقعة لاحقاً على المتضررين وحياتهم وإنتاجهم.
لقد أدى الفيضان الذي شهدته ثماني قرى من قرى سهل عكار ليل الثاني عشر والثالث عشر من الشهر الماضي إلى تضرر 3750 بيتاً بلاستيكياً كلياً أو جزئياً، جميعها مزروعة بالبندورة والخيار والباذنجان والكوسا والفليفلة وإلى تضرر 2300 دونم من الأراضي المزروعة بالقمح وغيره وتقدر قيمة هذه الأضرار حسب الأسعار الحالية ووفق حسابات غير رسمية بعشرات المليارات بينما كان التعويض ستة مليارات ليرة فقط !!
إن القيام بعملية حسابية لهذا الرقم القليل جداً جداً يظهر أن قيمة التعويض لكل بيت بلاستيكي فيما لو وزع كامل مبلغ التعويض لأصحاب هذه البيوت لن يتجاوز مليوناً وسبعمئة ألف ليرة، وفيما لو وزع كامل التعويض على أصحاب الأراضي فلن تزيد قيمة التعويض لكل دونم متضرر عن 6.2 ملايين ليرة للدونم الواحد، أما إذا تم توزيع مبلغ التعويض كما يجب على أصحاب البيوت المحمية والأراضي فلن يكون نصيب كل بيت بلاستيكي وكل دونم سوى 990 ألف ليرة وسطياً، وهذا الرقم لم يعد يساوي شيئاً، ما يعني أننا نقول لكل متضرر من كارثة طبيعية لا يد له فيها (عوضك على الله)!
إن قيمة التعويض الذي قرره المجلس لا تساوي قيمة سيارة فارهة، ولا تساوي قيمة شاليه أو شاليهين على البحر، ولا تساوي قيمة 4 أو 5 شقق سكنية في مدينة طرطوس، وإن عدم صرف تعويضات أخرى تغطي التكاليف التي أنفقها الفلاحون (نقداً أو بالدين)لإنشاء إنفاقهم البلاستيكية وزراعتها ولزراعة أراضيهم والتكاليف التي يحتاجونها لإعادة ما تخرب من الفيضان وإدخاله بسرعة في دورة الإنتاج ستكون له نتائج اجتماعية وتنموية واقتصادية خطرة عليهم وعلى المجتمع والمحافظة.