الشباب وأوهام تعزز الجهل والفشل.. الترويج للثراء بلا علم ولا تعب

الثورة – لينا إسماعيل:
في الوقت الذي يتجه الاقتصاد العالمي نحو مفاهيم جديدة، قوامها تحكم العملاق الإلكتروني –الانترنت- بمقدرات الشعوب، من خلال ابتداع وسائل بيعٍ وشراء، سحبٍ وإيداع، تداولٍ نهمٍ عبر المواقع الإلكترونية، نجد بالمقابل أن دفة اقتصاد الدول التي كانت (نامية) تسير بتهالكٍ سريعٍ نحو هاويةٍ تجاوزت خط الفقر بمراحل غير مسبوقة، حولت تلك الدول إلى شعوب منهكة، تغرق اليوم في ظلمات البحث المضني عن لقمة العيش.
والأخطر في هذه التداعيات أن هذا الضياع المعيشي اغتال معه كل مقومات نمو وتقدم البلاد.
هذا الهاجس الوطني الذي تراجع من أولويات كبرى إلى ثانويات في معترك واقعٍ معيشي أقصى إنجازاته اليوم توفير أدنى درجات الأمن الغذائي، ما أدى إلى بحث الشباب المستميت عن سبل النجاة من تلك البقعة الجغرافية الغارقة في بحر التراجع، بتسارع تنبئ به كل الشواهد والأحداث المتلاحقة.
سنوات طويلة من جميع أشكال الحروب طويلة الأمد أُريدَ لها تدمير كل المناحي الكريمة في المنطقة، كان لها ارتدادات عميقة في بنية وتوجهات الشعوب المستهدفة، وما لم يُقهر بالسلاح الحربي والتدمير المادي على الأرض، يُجهَز عليه بتضييق الخناق الاقتصادي الممنهج، فيما تحار الحكومات في ترقيع ما بدأ بفجوة اقتصادية، ليتحول إلى زلزال معيشي يضعضع أركان كل مقومات الاستقرار والوجود الآمن في المنطقة، وذلك بالطبع بعيداً عن النماء والتقدم، والاكتفاء الذاتي، وكلها مفاهيم ومبادئ باتت بالنسبة للشباب تحديداً أقرب للخيال.
هذا الواقع المتشابك، هيأ المناخ لبروز مفاهيم جديدة، تعمل على سلب طاقات الشباب وهم في عقر ديارهم، وعلى مقاعدهم الدراسية، من دون الحاجة لهجرة بلدانهم، وراحت تغزو النوافذ الإلكترونية على العالم، وتلعب على وتر الحرمان من تحقيق رغبات الشباب والأماني المكبوتة، بالوصول إلى ثراء فاحش بأقل جهد ممكن، وربما من دون جهد أساساً، والترويج لهذه الفكرة بتلميع شخصيات جذابة على وسائل التواصل الاجتماعي، حققت الشهرة والثراء من دون تعب، وراحت تبث للشباب فكرة أن السير في طريق العلم والاجتهاد، لا جدوى منه، وأن الالتزام بالمدارس والجامعات لبناء المستقبل، ما هو إلا أفكار بائدة طواها التقدم التكنولوجي، وأن هناك ألف طريقة للنجاح والثراء بأبسط الجهود، المهم في كل ذلك الابتعاد عن العلم والمعرفة.
بالمحصلة هي وسائل مبتكرة أغلبها وهمي، يتم الترويج لها من خلال إعلانات مكثفة ومتواترة، وشخصيات براقة كما أسلفنا، تروي قصص نجاحها ونجوميتها لإحكام الإقناع، وتغذية فكرة الانعتاق عن مقاعد الدراسة ومشوارها الطويل، نحو حرية الاستثمار الإلكتروني بأشكاله ووسائله التي تبدأ بكسب المال من نقرة ولا تعلم أين تنتهي! وإليكم بعض الأمثلة:
– الربح من رفع الملفات.
– الربح من شركات تداول.
– الربح من خلال صوتك فقط.
– الربح من خلال مشاهدة الإعلانات.
– الربح من خلال.
– شرح التطبيق الفلاني للحصول على أموال طائلة من دون تعب أو بذل مجهود.
– اكسب 20 دولاراً يومياً من لعب الألعاب، وأسهل 6 ألعاب لربح المال.
– الربح من الاستبيانات.
وهكذا يتم تشويش أهداف الشباب، وخاصة في مرحلة المراهقة، وبث شعور الإحباط واليأس من مسارات المثابرة والاجتهاد الدراسي، من خلال غزارة إعلانات صناعة المال، ومقاطع الفيديو، التي تروج لسيارات وقصور وألبسة وأماكن فارهة، وجميلات أشبه بأميرات ديزني، وغيرها من الأساليب في محاولة لإدخال الشباب في دوامة الوصول السريع إلى الثراء الذي غالباً ما يكون وهمياً، على حساب تشويه أهدافهم الواقعية، بالوصول إلى المال سواء من خلال مقاعد الدراسة، أو تعلم صناعة أو حرفة، وهما الرصيد الحقيقي في مشوار الحياة.
تحديات هي الأصعب تواجه الجميع ، لكنها أكثر تأثيراً على الشعوب التي أصبحت عاجزة حتى عن تأمين لقمة العيش، فكيف يمكن أن تقنع شبابها التمسك بقيم المثابرة والاجتهاد لصناعة المال، وهي تقدم نموذجاً للعجز عن توفير حياة معيشية كريمة!
باختصار ما تعيشه المجتمعات التي مازالت تمتلك الوعي والمعرفة اليوم، وسط هذا العصف الإلكتروني جهاد حقيقي في الحفاظ على سير دفة أهداف وآمال الشباب في المسار الصحيح.. فهل تنجح؟

آخر الأخبار
في سباق مع الزمن و وسط تحديات الرياح والتضاريس.. جهود لإخماد الحرائق   سوريا تقترب من رقمنة الشحن الطرقي    "موزاييك للإغاثة والتنمية الإنسانية" حاضرة في الاستجابة لمتضرري الحرائق   "الثورة" من قلب الميدان تتابع عمل فرق الدفاع المدني  الحرائق تتواصل في مواقع عديدة     استجابة لحرائق اللاذقية.. منظمة "IASO" تطلق حملة "نَفَس حقكم  بالحياة" السفير البلجيكي ببيروت في غرفة صناعة دمشق لتعزيز العلاقات الاقتصادية  ربط طلاب الكليات الهندسية في حلب بسوق العمل  متابعة المشاريع التي تُعنى بتحسين الأوضاع المعيشية للاجئين الفلسطينيين في حلب  وفد المنظمة العالمية للتحكيم الدولي في غرفة صناعة دمشق  الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بتعديل بعض مواد قانون الاستثمار الشرع يشيد بجهود فريق تصميم الهوية البصرية الجديدة لسوريا مرسوم رئاسي بإحداث الصندوق السيادي لتنفيذ مشاريع تنموية وإنتاجية مباشرة والاستثمار الأمثل للموارد مرسوم رئاسي بإحداث صندوق التنمية للمساهمة في إعادة الإعمار مكافحة الفساد ليست خيارآ  بل أمراً حتمياً  توقيفات طالت شخصيات بارزة والمحاسبة مستمرة   "مهمشون" ومكافآت "شكلية"   ممرضون لـ"الثورة: الوقت حان للاستماع إلى نبضنا ليخفق قلب المهنة  من إدلب إلى دمشق..  "أبجد".. نحو مجتمع متضامن أساسه التعليم  تعزيز الجاهزية الرقمية في المدارس الحقلية الزراعية بحلب  BBC: طالبو اللجوء السوريون في بريطانيا.. بين القلق وانتظار قرارات لندن  وفرة في الغاز وندرة في المال..  مدير عمليات التوزيع: رخصة الغاز ليست مشروعاً تجارياً  قمة أممية للذكاء الاصطناعي.. توجيهه لخدمة أهداف التنمية المستدامة