ديب علي حسن
أينما فتشت عن أسباب النزاعات والكوارث التي تحلّ بالعالم منذ قرن ونيف فسوف تجد الإصبع الأميركية هي التي صبت الزيت وأعدت المكان للاشتعال عبر أدواتها التي تتلون وتتنوع وتعمل بشكل فظيع.
ذراع التدخل الأميركي وإثارة الفتن والحروب هو وكالة المخابرات الأميركية ذات التاريخ الأسود منذ أن تأسست إلى اليوم.
وما يتم الإفراج عنه من وثائق عن دورها التخريبي ليس إلا جزءاً بسيطاً مما وراء الأكمة.
مئات الكتب صدرت عن هذا الدور المشبوه ومنها كتاب ( المخابرات المركزية الأميركية في الحرب..) تأليف: كاترين دورإندان ..ترجمة دكتور غسان بديع السيد صدر الكتاب عن الهيئة العامة السورية للكتاب، والمؤلفة مؤرخة وأستاذة جامعية فرنسية.
يتحدث الكتاب عن دور المخابرات المركزية في تنفيذ السياسة الأميركية في العالم منذ تأسيسها عام ١٩٤٧م ويركز على دورها في الأحداث العالمية التي شهدتها الساحة الدولية.
وتحت عنوان:
في الأصل، السرية، الأمن، الديمقراطية، تخلص الكاتبة إلى القول:
تأسست وكالة المخابرات المركزية برغبة من الرئيس هاري ترومان، دخلت الولايات المتحدة في عام ١٩٤٧في حرب باردة بعد سنة من مراقبة السوفييت، سنة من المراوغات التي بدأ يظهر فيها العدو الجديد: السوفييت والشيوعية. أوروبا مهددة وإيران مهددة وكذلك الصين أسس قانون الأمن القومي المخابرات المركزية بوصفها وكالة مستقلة داخل السلطة التنفيذية ومرتبطة بالرئيس عبر مجلس الأمن القومي أسند قانون التأسيس خمس وظائف للوكالة: المهمات الأساسية هي البحث عن المعلومات التي يمكن أن تؤثر في الأمن الوطني وواجب تقديم المشورة إلى مجلس الأمن القومي وجمع المعلومات الموزعة بين الوكالات الموجودة.
انبثقت المخابرات المركزية من نقاش سياسي داخلي وضغوطات من أجل تأسيسها في مقابل معارضات قوية ضدّ ذلك، اتخذ قرار ترومان ضمن جو من العاطفة.
خرجت المخابرات المركزية من انتصار المدنيين على العسكريين الذين أرادوا الاحتفاظ بأجهزة الاستخبارات الخاصة بهم. ولدت على الرغم من معارضة وزارة الخارجية الغيورة أيضاً من الامتيازات التي تحصل عليها. اشتغل الرئيس المصمم على التنفيذ عبر مراحل:أرسل مشروع قانون بخصوص الرقابة الموحدة على أجهزة الاستخبارات العسكرية بإشراف مجلس الأمن القومي إلى الكونغرس في ٢٧-٢-١٩٤٧.دخل ترومان سياسة احتواء الاتحاد السوفييتي رسمياً وفي شهر حزيران أطلق الجنرال مارشال مشروع خطة مارشال. ومن هنا فإن المخابرات المركزية تأتي إذاً في لحظة أساسية من استراتيجية الحرب الباردة لواشنطن.
يعود النقاش الذي أثاره تأسيسها إلى تاريخ الديمقراطية الأميركية وقيمها مع الحاجة المتزايدة إلى الأمن. تمسك معارضو تأسيس المخابرات المركزية بقيمهم المؤسسة وبالحريات الأساسية وشفافية المعلومة ولوحوا بشبح انتشار الجواسيس:لوبسي رجل غامض له سمعة سيئة لم يتردد بعضهم في ذروة حماسه من التنبؤ بأن المخابرات المركزية يمكن أن تصبح (الغستابو) الأميركي.
يقع الكتاب في ٣٧٤ صفحة من القطع الكبير وقد صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بدمشق.
