الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
كلنا يذكر عملية نفق الحرية التي انتزع فيها ستة أسرى فلسطينيين أبطال حريتهم المسلوبة ، من سجن جلبوع الذي يعده الاحتلال الإسرائيلي “السجن المنيع” ، وقلعتهم الأمنية الحصينة ، وفخر صناعة سجونهم.. تلك العملية التي هزت كيان العدو الأمني والعسكري والسياسي، كما هزتها ملحمة طوفان الأقصى ، وتهزه اليوم صمود شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة في قطاع غزة.
لقد اعتقد العدو الصهيوني واهما أنه سيستفرد بالحلقة الأضعف للنضال الفلسطيني، وهي الحركة الأسيرة ، لكنه قابل مناضلين أقوياء، لم يستسلموا او يجزعوا لواقع الاعتقال والأسر ولإرهاب سجون الاحتلال، وعرف هؤلاء الأسرى الفلسطينيون الأبطال كيف يتسامون على وقت المحنة ويقفون بشجاعة صفا واحدا في مواجهة وحشية السجان الصهيوني.. التي استطاعت المقاومة الفلسطينية الباسلة أن تبقي قضية الأسرى حية في النضال الفلسطيني تجتمع عليها فصائل المقاومة كافة وتوحدها خلف هدف تحرير الأرض واستعادة الحقوق.
وعلى الرغم من قسوة المعتقل وما يجري به من تعذيب وقهر، لكن ذلك كله لم يستطع أن يوقف نبض القلب والإرادة لدى الأسير الذي يتطلع دائما إلى النضال والحرية، فحول السجن إلى جامعة كبيرة، وبدأ معركة الوعي، وتكريس المعرفة داخل المعتقلات والتي ميزت الكثير من الأسرى بمجالات الثقافة والأدب والفن التشكيلي واللغات والسياسة والإعلام والصحافة” كتابا وباحثين وشعراء” بعد نيلهم حريتهم ومغادرتهم السجن، وهذا بحد ذاته يشكل جزءاً من معركتهم مع العدو.
وتأكيدا على أن قضية الأسرى في سجون الاحتلال قضية حية وارتباطها بالواقع النضالي الفلسطيني، أقامت حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية “الجهاد الإسلامي” ومؤسسة مهجة القدس للأسرى والشهداء والجرحى، ندوة حوارية امس بعنوان “من نفق الحرية إلى طوفان الأقصى… قراءة في كتاب نفق الحرية ومعركة 360 يوماً في سجون الاحتلال للأسير محمد سعيد إغبارية”، وذلك في مقر المجلس الوطني الفلسطيني بدمشق.
السجن مصدر للابداع
وخلال الندوة ، أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الأسير المحرر عبد العزيز المناوي- أبو سعيد في كلمة له أن الأسير الفلسطيني كرس حياته ووجوده للدفاع عن القضية الفلسطينية من خلال تحويل سجنه إلى مصدر للإبداع يتجاوز جدران زنزانته ويسهم بدور أساسي في العملية البطولية ضد الاحتلال الصهيوني.
الترابط بين نفق الحرية وطوفان الأقصى
من جهته، أوضح ممثل حركة الجهاد ومسؤول مهجة القدس في سورية إسماعيل السنداوي أن كتاب نفق الحرية يعد وثيقة تاريخية لعملية نفذها ستة أسرى بأدوات بسيطة وبعزيمة وبإصرار للحصول على حريتهم المسلوبة، مؤكدا أنها كانت بمثابة ضربة قاتلة لكيان الاحتلال، ومشيراً إلى الترابط بين هذه العملية ومعركة طوفان الأقصى في مواصلة النضال والتمسك بالحقوق حتى التحرير وزوال الاحتلال.
الحركة الأسيرة حالة استراتيجية
ومن جانبه، لفت الباحث بكور عاروب إلى أن كتاب نفق الحرية منهج علمي لأنه يوثق حالات الأسر على أرض الواقع، ويؤكد أن الحركة الأسيرة حالة استراتيجية وضرورة أساسية لاستمرار الحركة النضالية، مؤكدا على أهمية الكتابة لدى الأسير لتخفيف عذابات السجن وتأريخ النضال ضد الاحتلال ووحشية السجان.
توحيد الصف
بدوره بين الأسير المحرر تحسين الحلبي أن الكتاب يدلل على قوة التعاضد بين الأسرى والشعب الفلسطيني لتوحيد الصف وجمع الكل وتحقيق الوحدة الوطنية واختيار الطريق الصحيح في مواجهة العدو الصهيوني.
عشق التحرير
ولفت رئيس لجنة دعم الأسرى المحررين والمعتقلين السوريين في سجون الاحتلال الإسرائيلي الأسير المحرر علي اليونس إلى عشق الأسير للحرية وأنه دائما يفكر بالحرية وعندما يرى الأبواب أمامه مغلقة ينتزعها بطريقته.
غرف نور وثقافة
وشدد الكاتب والأديب الدكتور حسن حميد على ضرورة نشر الكتاب على أوسع نطاق ليطلع عليه الجميع لزيادة معرفة الجيل لاسيما طلاب الدارس والشباب بقضية فلسطين ونضال أبنائها لتحرير الارض واستعادة الحقوق، مبينا كيف استطاع الأسرى تحويل السجون من غرف مظلمة نهايتها الموت إلى غرف نور للعلم والثقافة وتحد للاحتلال في سبيل انتصار القضية الفلسطينية.
الأسرى جسر عبور نحو التحرير
وفي تصريح للثورة، أكد الدكتور صادم السعدي عضو اللجنة المركزية لحزب التطوير والتحديث أن الأسير أصبح إيقونة وجسر عبور لنيل الحرية ومقاومة الاحتلال الصهيوني على طريق تحرير الأرض المحتلة واستعادة الحقوق، مشيرا إلى أن الكتاب هو وثيقة وشهادة حية تجسد نضال الأسرى في سجون الاحتلال ومؤلفه هو أحد هؤلاء الذين سطروا بدمائهم الطريق نحو الحرية وتحرير فلسطين.
ساحات للعلم والنضال
وأشار أبو مجاهد السنداوي في تصريح للثورة إلى أن توقيع كتاب نفق الحرية يتزامن مع الذكرى التاسعة والعشرين لاعتقال مؤلف الكتاب وشقيقه ، مؤكدا أن الأسرى استطاعوا أن يفشلوا مخطط الاحتلال في تحويل سجونهم إلى قبور لدفن الأسرى الفلسطينيين أحياء وكسر إرادتهم، واستطاع هؤلاء الأسرى بعزيمتهم وإرادتهم الصلبة أن يحولوا تلك السجون إلى جامعات وساحات لطلب العلم والدراسة ومواصلة النضال نحو التحرير واستعادة الحقوق.