أنهت بعض الأسر والطلاب ومعها بعض المدارس العامة، السنة الدراسية بصمت ومخاتلة غير مسبوقة في المنظومة التربوية الشهيرة بانضباطها في بلدنا.
المدارس أبقت أبوابها مشرعة، الإدارات والكادر التدريسي يواصل الدوام وفق الأصول، لكن طلاب الشهادات انقطعوا منذ بداية الفصل الثاني، أو بعد أن ضمنوا ترشيحهم للامتحانات العامة، وبات دوامهم في المعاهد الخاصة المنتشرة في مناطق العشوائيات أكثر من محال البقالة.
لابأس فللأسر وأبنائهم خيارات يرونها صحيحة، وقد يكون لديهم مبرراتهم لجهة الحرص على مستويات عناية ربما لا توفرها المدارس، وهذا موضوع نقاش طويل لن نخوض فيه لأنه صعب الحسم.
لكن ماذا عن الصفوف الانتقالية، وعن الطلاب الذين “يتورطون” بالالتزام ويتحول يومهم الدراسي إلى “إقامة جبرية” في الشعب الصفية، بما أن لا مدرس يدخل إلى القاعة بحجة أن عدد الطلاب الحاضربن أربعة أو خمسة طلاب، وليس من جدوى من إعطاء درس لعدد قليل من الطلاب مشكلتهم أنهم ملتزمون ومنضبطون..
حالة غريبة فعلاً تحصل في بعض المدارس، ويوميات مثيرة للدهشة يعرفها أهالي الطلاب الذين يصدمون يومياً بعودة أبنائهم دون أن يتلقوا درساً أو معلومة واحدة، وهذه سابقة خطيرة بكل معنى الكلمة..
الكافيتريات المنتشرة حول المدارس وصالات الألعاب الكثيرة، هي ملاذ الطلاب الهاربين من المدارس أو لا يدخلون المدرسة أساساً، ومن يعلم بتسيبهم وغيابهم إدارات المدارس وليس الأهل الذين يظنون أن أولادهم “ينهلون” علوم الأولين والآخرين.
إدارات المدارس هي المسؤولة بالمطلق عما يجري، فمسؤوليتها التواصل مع ذوي الطلاب المنقطعين واطلاعهم على الوضع المزري لأبنائهم، ومن ثم ثمة إجراءات قانونية من صلاحية الإدارات اتخاذها، لكنها لم تفعل.
لايجوز أن يكون الطالب المجد والملتزم، ضحية آخر متسيب وإدارة متراخية ومدرس وجد فسحة وحجة لعدم إرهاق نفسه بالدخول إلى قاعة الدرس، وبعضهم يدخر طاقاته للمعاهد الخاصة بعد الظهر وفي المساء، أي فقط يكون دوامهم في مدارسهم رفع عتب وتثبيت حضور أمام استحقاق إداري لاعلمي ولا إنساني ووجداني.
على مديريات التربية تكثيف جولاتها على المدارس، ومراقبة الخلل الكبير الذي يعتريها، وسوف تخرج بتصنيف دقيق للمدارس المترهلة، والتي يجب أن توضع “تحت الوصاية” والرقابة..
الموضوع ملح ولايحتمل التأجيل والتراخي، ونحن من جهتنا سنرصد الجديد..وحسبنا ألا نتسبب بأذية لطلاب منضبطين سيكونون مهتمين بالإبلاغ عن الخلل، فإن حصل بالتأكيد سنكون صوتهم الصادق.
نهى علي