الثورة _ طرطوس – سمر رقية:
من يزور مدينة الشيخ بدر قاصداً مصايفها الجميلة، سيلفت نظره ذاك السوق التراثي الذي يخبئ بين رفوفه وزواياه قصصاً وروايات الآباء والأجداد، ففي كل محل ألف قصة ورواية تخبرك عن إبداع عمره آلاف السنين وما زال مستمراً، وهذا التراث الشعبي الجميل يختصر زمن البساطة والنقاء الموشى بالفن ببصمة من عاشه.
يتميز هذا الثراث الموغل في القدم، بتصاميم مبدعة ورائعة، وتشمل المنتجات الكثيرة من سلل وأطباق وجامات منها من قش الزرع وبعضها من الحصيد، وأشكال عديدة أخرى سلل فواكه وورود ومكانس وقفف من أعواد القصب وأخرى من أعواد الريحان، وفخاريات بجميع أنواعها من مقالٍ وقدور وصحون وجرار ومزهريات وكؤوس ومجامر، وكل ما يمكن استخدامه على النار، وملاعق خشبية، وفن جديد هو فن تلبيس فوارغ الزجاج مهما كان حجمها تلبس أيضاً بأعواد الخيزران أو أعواد الريحان وغيرها لتخرج بأحلى تحفة، معلقة أمام هذه المحال تغازلها نسمات الهواء العابرة فتسرد لك قصتها من يوم مولدها للآن، وأدخلوا لها مشغولات صدفية أنيقة وغاية في الإبداع صمديات وهدايا متنوعة تستحضر فناً بارعاً بأبسط الأدوات، تعددت الأشكال والزخارف والإبداعات الفنية في الصناعات الفخارية، وباتت مهنة تراثية تناقلها الأبناء عن الآباء عن الأجداد يضيفون عليها ويزيدون في مجال إبداعهم فيها.. تحف فنية مبهرة تستهوي زوار المنطقة، إضافة لمكانتها التاريخية.
عوائل لا بأس بها لا تزال تسترزق بهذه المهنة ومتمسكة بها على الرغم من التطور والحداثة الذي كان له تأثير سلبي على مثل هذه الحرف وشهدت تراجعاً ملحوظاً، لكنها أصرت من أجل بقاء حرفة الأجداد كتراث نفتخر ونعتز به وإن قل استخدامه لكن لا يمكن الاستغناء عنه، فبتنا نستخدم هذه المنتجات تحفاً فنية وديكوراً فنياً رائع في جنبات المنازل والمطاعم، إذ ليس هناك أبدع من شيء تصنعه بيدك وتسجله بمشاعر وأحاسيس صادقة نابعة من عميق قلبك فتكون دلالات إنسانية تاريخية تراثية فنية عريقة تخبر عن الماضي الذي كان وتوصل لمستقبل مشرق.
أصحاب هذه المحال والذي تعتبر هذه المهنة مصدر دخلهم الوحيد، وصفوا الإقبال بأنه قليل في الشتاء وكبير جداً في الصيف بسبب زيارة وفود سياحية لمناطق الشيخ بدر الاصطيافية فلم يعودوا لمحافظاتهم دون أخذ ولو قطعة تراثية واحدة كتحفة وتذكار من هذه المدينة الرائعة.
أم يعرب صاحبة محل تقول: نحن أول من فتح محل لبيع هذه التحف البسيطة والرائعة وهي مصدر دخلنا الوحيد في الصيف تنتعش حركة البيع والشراء أكثر بسبب السياح وضيوف مدينة الشيخ بدر الذين يزورون معالمها الأثرية وأماكنها السياحية وأضرحتها الدينية، أما في الشتاء كما ترين جمود والحركة قليلة، أما أبو حمزة محمد شعبان وإخوته فأكدوا أنهم ورثوا هذا العمل عن والدهم الذي بدأ به بسلة من أعواد الريحان ومقلى فخار وملعقة خشب وبعده طوروا العمل، الناس أحبته ومطلوب في الأسواق المحلية والخارجية في المحافظات الأخرى كنوع من إحياء التراث من جهة وتوفير مواد الطاقة للعوائل التي ترغب بالطبخ على الحطب لأن جميع أدوات الطبخ على الحطب متوافرة لدينا.
مضيفاً أنه إلى جانب هذا التراث الرائع لدينا منتجات القرية الريفية مثل الجوز والتين وما شابه ذلك.
وفي محال الصدفيات أكدت سيدة تعمل به أنه عمل جميل ورائع نستحضر بضاعتنا من ورش تمتهن هذه المنتجات الرائعة كما أكدت أنها مصدر دخل وحيد لمصروف بيتها، وقالت: إن الدخول في الصيف تكفي ونحاول أن ندخر مصروف الشتاء من مبيعاتنا في الصيف قدر ما أمكن لأن مبيع هكذا منتجات في الشتاء خفيف جداً ولا يعيل أسرة مهما كانت صغيرة.