الثورة – زهور رمضان:
صحيح أن محافظة حماة حققت بصمة مميزة هذا العام في مسابقة تحدي القراءة العربي بدورته التاسعة بترشح طالبتين من المحافظة، فازت فيها الطالبة ناردين عيسى المميزة في المركز الأول، فيما كان اللافت ترشح المتألقة رهف يوسف من فئة ذوي الهمم الكفيفة، لكنّها مبصرة بقلبها، وإحرازها المركز الثاني على مستوى سوريا في مسابقة تحدي القراءة العربي من فئة ذوي الهمم، ضمن احتفالية أقيمت في دار الأوبرا في الرابع من شهر آب الفائت، وتأهلها رسمياً وبجدارة لتمثيل سوريا في النهائيات في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد اجتيازها للمرحلة الثالثة من التحدي المقامة في دمشق.
قلب لا ضريرة
أنا رهف.. قلب لا ضريرة.. بهذه الكلمات تفتح رهف اليوسف حديثها وتقول:
أنا القلب الموشى بالبصيرة
أرى حولي الحلا جسداً وصورة
فطرت على البصيرة دون حرف
فصب على أساريري عصيره
قرأت كنوز علمٍ في كتاب
فتوجني على نفسي أميرة
أنا راءٌ وهاءٌ ثم فاءٌ
أنا بصرٌ وقلبٌ لا ضريرة
أنا رهفٌ وقلبٌ لا ضريرة
هي المبصرة المبدعة رهف ليست كفيفة كما نظن.. بل هي المبصرة بقلبها وليس بعينيها، ولم يمنعها فقدان البصر عن متابعة التحدي، واستطاعت خلال فترة قصيرة أن تثبت للعالم أن الإعاقة لم تكن عائقاً أمام الإبداع ولن تكون.
رهف ليست هي المبدعة فقط ، بل أهلها الذين وجدوا فيها هذا الحس والإبداع ولحظوا ضمن عينيها المغمضتين قلباً متفتحاً مبصراً ونوراً يشع لينير قلوب الآخرين،وهذا ما أكده والدها حسان يوسف، أنه لاحظ لدى رهف بصيرة متوقّدة ومتفتحة ومتوهجة منذ صغرها فلم يرغب بتركها حبيسة الجدران المغلقة ومعزولة عن المجتمع، ورغب بتنمية موهبتها المخفية للناس وإطلاقها وإظهارها ولاحظ قدرتها على حفظ النصوص الطويلة وفهم معاني الكلام بالإضافة لنطقها السليم والواضح بطلاقة ووضوح.
فأحبّ أن يصقل لها هذه المواهب فاستمر بالمتابعة والمواظبة لسنتين متتاليتين، وأصبح يُحمّل لها كتباً من شبكة الانترنت مسجلة على شكل فيديو بصوت وصورة، فتستطيع رهف سماع صوت المقطع الذي يمثل كتاباً أو حديثاً وتحفظه وتفهم المغزى المراد منه، كما أنه قام بتسجيل ثلاثين كتاباً لها من الغلاف للغلاف، فاستمعت رهف لهذه التسجيلات وحفظتها.
تقول رهف: إنها استطاعت بحسّها وعن طريق ملكة السمع أن تقرأ أفكار الكتب وتستخلص زبدة الحديث، وتستخلص أفكار الكتاب خلال فترة قصيرة، فقد استطاعت الاستماع لخمس وثلاثين كتاباً تكفلت أختها بقراءة العديد منهم وتولى والدها تسجيل القسم الأكبر أيضاً.
وتؤكد أختها ديمة حسان يوسف على مساعدة أختها رهف في قراءة الكتب، إذ كانت تقرأ لها الكتب لتحفظ رهف بدورها ما تستطيع وتفهم المحتوى، مؤكدة أن الهدف الأول والأسمى هو إخراج أختها من قوقعة البيوت المغلقة لكونها كفيفة، فلا يجب أن تبقى في الخلف بل يجب تشجيعها للوصول للمرتبة الأولى في مسابقة تحدي القراءة العربي.
رهف الطفلة من الصف الرابع استطاعت أن تفعل ما لا يقدر عليه الاكاديميون فهي حقاً أعجوبة في التحليل والتركيب، وقد تربح ضمن مسابقة تحدي القراءة في دولة الإمارات، وقد تخسر.. لكن المؤكد أنها فازت بمحبّة القلوب وأثبتت للعالم أن الإعاقة لم تكن في يوم من الأيام عائقاً أمام الإبداع.