الشّعر الحديث بين القراءة الورقيّة.. والاستعادة الحفظية

الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
كثيرآ ماوقفنا على المنابر…نلقي قصائدنا.. نصوصنا الأدبية على اختلاف أجناسها.. شعراً نثراً..سرداً..أو حتى مسرحياً…تعيننا في ذلك حافظتنا..ومقدرتنا الاستعادية وأحياناً بمساعدة صفحات الديوان أو أوراق سطرنا عليها ماسننشده.
وهنأ تتباين القدرات على القراءة استعادة دماغية عقلية تذكرية أو عبر مخطوط.
ولطالما قلنا هذا الشاعر لديه حافظة ومهارة على استعادة..مايريد أن يقول.
أو قلنا عكس ذلك.. وولجنا من خلال هذا التباين إلى طرح سؤال…لعله هو سؤال ملحقنا الثقافي…قضيتنا لهذا الأسبوع»هل تحفظ الشعر الحديث؟
وماذا تحفظ منه؟
وإذا لم يكن كذلك
ما السبب؟
وهل الشعر الحديث يعيش دون أن يحفظ في القلب والعقل كما التقليدي؟
هذا السؤال المركب طرحناه على ضيوف الملحق من شعراء ونقاد
فلنقرأماذا قالوا؟.
*-القضية قضية مقاربة بين القديم والحديث ومايتصل بهما:
يقول الطبيب والناقد والاديب المبدع د.زهير سعود:
سؤال على اختصار مدته فهو يفترض إشكالات طرح عديدة، أولها معنى ومقاصد السؤال من حيث التصنيف الشعري، فما هو المقصود بالشعر التقليدي والشعر الحديث، مع العلم أن مفهوم التقليدي قصد منه القديم بالمقارنة مع لفظة الحديث، ومع أن المصطلحين إشارات لحقب زمنية غير أن الأمر أعمق من ذلك بكثير، فالقضية مقاربة لخلافات عميقة بين أنماط القصيدة ليس على مستوى التلحين والتنغيم فقط، بل وتناول مختلف لموضوعات الشعر وأغراضه وغاياته وأساليبه، فلا تكفي لفظة الحديث للتعبير عن أشكال الشعر الحديث والذي ارتبط ظهوره الأول مع عصر النهضة العربية، وبدا للعيان أجناس وأنواع مختلفة لشعر الحداثة كالشعر الحر والمرسل والنثر والومضة الشعرية، عدا تقليد الأنماط الغربية للشعر وفق صيغ عروبية مناسبة كما هو عليه الحال مع الهايكو الياباني، إن ارتفاع منسوب القصيدة على نمط معين لا يعني بالضرورة انعدام التنوع داخل بنى زمنية واجتماعية مختلفة، ولاسيما في حاضنتنا العربية، ذلك لأن مجتمعاتنا العربية لم تشهد تحولات مصيرية ذاتية مشابهة لما حدث في الغرب، ولهذا كان لمجتمعاتنا خصوصيتها التاريخية والاجتماعية التي حتّمت تلازم الأنماط القولية في الشعر مع ظهور ممرّات الانفتاح على الغرب، وما أمكن لوسائل الاتصال والاحتكاك تحديثه في المنطوق الشعري، وفي هذا السياق يمكن تصنيف الشعر ليس على مستوى الحاضنة الزمنية فحسب، بل والأهم من ذلك هو التصنيف الموضوعاتي، كالشعر الغنائي والمسرحي والملحمي والقصصي، ثم التصنيف من حيث التفعيلة والقول بالشعر العامودي والشعر الحرّ والنثر والمرسل، إن الاحتكاك بالبيئات الغربية للشعر العروبي وسّع الحاضنة الشعرية العربية لتشمل كل ما سبق، وبخصوص التصنيف الشعري من حيث الطاقة الحفظية، فمما لا شك فيه بأن الأشعار والنثور المنغمة هي مواد أسهل في التعامل الحفظي، كالتفعيلة الشعرية والسجع النثري، ومما لا شك فيه بأن اختلاف تقنيات ووسائل الحفظ جعلت أمر المران على الحفظ العقلي لايهم البتّة كما كان عليه الأمر في العهود الغابرة.
*-في ماهية الشعر قديمه وحديثه
تبدأ الشاعرة عائشة السلامي حديثها للملحق بسؤالها:»الشعر من أين أتت لفظة شعر»ثم بدورها تجيب وتتابع كلامها قائلة:
أتت من شَعَرَ فاعلها شاعر والشعر هو كلام موزون مقفى وهو دال على معنى ويكون أكثر من بيت و يسمى نظماً و النظم هو الذي قُصد وزنه و تقفيته ووهو أكثر شمولية في المواضيع من القصيدة و القصيدة تندرج تحت عنوان معين يتناول هذا العنوان في عدة أبيات وهي ذات وز وقافية، ومن هنا جاء اسم قصيدة أي هي ذات قصد في الكتابة والمعنى.
وقد درج الشعر العربي قديماً وحديثاً على هذه الشروط ومازال الشعر محافظاً على وحدة الوزن والقافية واستحضار اللفتات اللغوية الجميلة التي فيها من سحر البيان ما يسلب الألباب..
والشاعر لا يسمى شاعراً الإ إذا كتب ضمن هذه المنظومة حتى وإن كتب حكم فيها من الجمال مافيها فلا يسمى شعراً مالم يحتوِ على الوزن والقافية أما عن الشعر القديم فقد عرف من عصر الجاهلية، وكان الشاعر آنذاك بمثابة الطابور الرابع أو وزارة الإعلام حالياً لأنه هو من يعدد مناقب قبيلته في الكرم والعطايا وفي الانتصار في الحروب لذلك خلدتهم قصائدهم من حيث الجمال و المعنى وقد سمع الرسول صلى الله عليه و سلم شعر حسان بن ثابت فاستساغه لأنه ليس فيه ألفاظ فحش وبذاءة و متى ما كتب الشاعر و أوغر بشكل سيئ في الأخلاق أو المعتقدات الدينية ردت عليه قصائده ولم يكترث به أحد لأن الشاعر يحمل من الخلق ما يجعل كلامه يتداول بين الناس وعبر العصور لأن في الشعر من الحكمة ما يجعله دليلاً أخلاقياً عبر الزمان لأن الجميل من الشعر والقصيد لايموت كما أن الإنتاج الجيد منه يبقى من ممتلكات الأمة عبر التاريخ وقد قرأنا وحفظنا من الشعر القديم الكثير لأنه كان جزءاً من تاريخ اللغة العربية فهناك قصائد بمثابة مرجعيات في الحب والأخلاق و الوفاء
أما عن الشعر الحديث فإنه كالسيل العرمرم الذي يتدفق على جمهوره بشكل يومي نتيجة طرح أيقونته بشكل يومي على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك تنظيم المهرجات المحلية والدولية زادت من ألقه ورفعته وهناك برامج تعد خصوصاً لإظهار تألق شعراء الحداثة عبر الوطن العربي كشاعر المليون والحقيقة أن هناك من يستحقون ألقاباً رنانة لجمال كتابتهم وسمو مقاصدهم ولكن من سيحفظ هذا الكم الهائل من القصائد، وماذا سيُحفظ منها عبر الذاكرة لأن الضخ أكبر بكثير من عقل القارئ أو لنقل بعبارة أصح أكبر من عقل المستمع.
لذلك وعلى الأغلب ستبقى هذه القصائد مركونة على الرفوف تشهد ثورة الشعر العربي على الحاسوب من غير أن يحفظ النشئ الجديد منها شئ بعكس الشعر القديم الذي كان أصلاً في المنهاج التعليمي الذي فرض علينا قراءته و فهمه و حفظ الكثير منه لأنه حمل إرث أمة ودت الخلود عبر قصائدها فحصلت عليه
*-دورعشق الشعر في حفظه:..
الأستاذ الشاعر سهيل درويش…يخبرنا قائلاً
عشاق الشعر …
يحفظونه سواء أكان قديماً أم حديثاً …
إلا أن حفظة الشعر القديم هم كثر على الأغلب، أما الشعر الحديث، فله مريدوه أيضاً
إذ إننا نرى كثيراً من عشاق الشعر الحديث يحفظونه بعشق و بعمق، يحفظون للدرويش، والقاسم، وحتى أدونيس، لمَ لا وهم يعيشون العمق؟
وأعتقد أن الشعر القديم أكثر سهولة من حيث الحفظ لأسباب شتى منها الوزن و القافية التي تساعد على الحفظ …
ولكن الشعر الحديث له جوانب أخرى تجذب القراء لحفظه.
روح الإبداع، عنصر الدهشة، توظيف الإيحاء والرمز، العمق في المعنى، وليس الأمر بهذه الحدة فليس المقياس في العصر الحديث أن يبقى الشعر من دون أن يحفظ
نعم سيبقى طالما أنه مكتوب وطالما أنه يعبر عن دواخل وأعماق الروح.
*-تلكم كانت أراء الشعراء ووجهات نظرهم في قضية الملف المطروحة.
الشعر الحديث مابين الحفظ والاستعادة…وأيهما أسهل حفظاًواستعادة…الحديث أم القديم.
                           

العدد 1180 – 5 -3 -2024   

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة