الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
بدأت اللجنة الوطنية الرابعة عشرة للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني- أعلى هيئة استشارية سياسية في الصين- دورتها الثانية يوم الإثنين الماضي، إيذاناً ببدء الدورتين السنويتين. ومن المقرر أن تفتتح الدورة الثانية للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية في البلاد، يوم الثلاثاء.
تحمل التجمعات السياسية هذا العام ثقلاً إضافياُ للاقتصاد الصيني، حيث سيكون عام 2024 عاماً حاسماً لتحقيق أهداف ومهام الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021-25)، ومن المقرر أن تقدم الحكومة الجديدة تقرير العمل إلى الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني للمناقشة للمرة الأولى.
تستعرض الجلسة عادة الإنجازات السابقة وتحدد أهداف التطوير للعام الحالي وما بعده.
وفي وقت تغمر فيه وسائل الإعلام الغربية الرئيسية بالتقارير التي تتحدث عن “معاناة الصين من صعوبات مختلفة، الانكماش، وأزمة العقارات، وتزايد أعباء الديون، وهجرة رأس المال الأجنبي”، فإن الجلستين ستكونان بمثابة نافذة حاسمة للعالم لمراقبة اقتصاد البلاد.
ليس من غير المعتاد أن نرى وسائل الإعلام الغربية تنشر تقارير سلبية تسيء إلى الاقتصاد الصيني حول الحدث السياسي الرئيسي كل عام. على سبيل المثال، كان تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز في 27 شباط 2023 تحت عنوان “الآثار المترتبة على فخ الدخل المتوسط في الصين”، في حين نشرت شبكة سي إن إن مقالاً بعنوان “لقد حقق الاقتصاد الصيني بداية جيدة بشكل مدهش لهذا العام، لكنه لن يدوم” في آذار 2022.
ومع ذلك، لا تزال الصين تحقق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 على الرغم من الضغوط الهبوطية والتحديات، وتظل الاتجاهات الأساسية لانتعاش الاقتصاد والنمو طويل الأجل دون تغيير. وتثبت مثل هذه الأساسيات الاقتصادية أيضاً أن نظرية “انهيار الصين” سيئة النية غير قادرة على الصمود أمام اختبار الزمن.
لماذا لم تتحقق التوقعات الغربية بشأن الهبوط الحاد للاقتصاد الصيني؟ ويكمن المفتاح في عدم القدرة على فهم أن التنمية الاقتصادية في الصين لها إيقاعها واتجاهها السياسي الخاص، والذي لن يتأثر بالضجيج الغربي. إن السبب وراء الأهمية الكبرى للدورتين بالنسبة للاقتصاد الصيني لا يرجع فقط إلى هدف الناتج المحلي الإجمالي الذي صدر خلال الاجتماعات، بل أيضاً إلى اتجاه السياسة المحدد لتحقيق تنمية اقتصادية مستقرة في العام المقبل.
ليس هناك من ينكر أن هدف الناتج المحلي الإجمالي للصين كان محل اهتمام العالم، وهو أمر ليس مفاجئاً نظراً لحجمها الاقتصادي الضخم والعواقب المهمة التي قد تترتب على الاقتصاد العالمي. لقد أكدت الحكومة الصينية دائماً على أهمية جودة التنمية الاقتصادية، وليس فقط معدل النمو، ولكن الناتج المحلي الإجمالي، باعتباره مقياساً رئيسياً للقوة الاقتصادية لأي بلد، لا يزال أحد أهم المقاييس الاقتصادية في الصين.
صحيح أن النمو الاقتصادي في الصين تباطأ في السنوات الأخيرة وسط تحديات غير مسبوقة ومعقدة في السوق المحلية والخارجية. ويرجع ذلك أساساً إلى أن الاقتصاد يمر بفترة من التكيف والتحول. ولكن على الرغم من الصعوبات والضغوط النزولية، لا تزال الصين تقف على أساس متين، ويظل معدل نمو ناتجها المحلي الإجمالي سريعاً نسبياً بين الاقتصادات الكبرى في العالم.
إن الأداء الاقتصادي الثابت الذي حققته الصين على مر السنين يشكل دليلاً أفضل على قدرتها على تحويل اقتصادها مع الحفاظ على زخم النمو.
وخلال الدورتين اللتين تعقدهما الصين، كثيراً ما يتم إيلاء قدر كبير من الاهتمام لهدف نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان أن ننظر إلى ما هو أبعد من مجرد الأرقام وأن نفهم الآثار المترتبة على السياسات والتدابير الجديدة التي يتعين على الحكومة الصينية تنفيذها لمواجهة التحديات الاقتصادية. لأن اتجاه السياسة لا يعد فقط بتأثير إيجابي على الآفاق الاقتصادية للصين، بل يقدم أيضاً فرصاً للتنمية المستقبلية للبلاد.
المصدر- غلوبال تايمز