الثورة – رفاه الدروبي:
يعود الكاتب والسيناريست عثمان جحى بإصدار رواية جديدة أطلق عليها العربجي “أبواب الموت والحياة” بعد عرض جزئه الأول في رمضان العام الماضي ومشاركته في البداية بالمعالجة الدرامية لعدد من الأعمال منها مسلسل “صدق وعده” عام 2009، وكانت نقطة انطلاقه الحقيقية عندما كتب الجزء السادس من مسلسل باب الحارة عام 2014، وأتبعه بتأليف مسلسل وثيقة شرف عام 2022 ودارين فالعربجي العام الماضي.
العربجي
بعد أن طلب مني (عبدو العربجي) أو (السلطان عبدو)- كما صار يُحبُّ أن ندعوه- أن أكتب تاريخ دولته الجديدة، وأحسبه كان يعني تاريخه الشخصي، فهو- الحاكم- الملمح الوحيد لتلك الدولة التي أقامها في العراء على أنقاض ما هدمه الطاعون في حيوات البشر.
أمرني ألا أتكتّم على شيء من التفاصيل، مهما كانت جارحة، له أو لمن مرّوا في حياته، وهذا ما حدا بي لأن أتقصَّى تفاصيل محطات حياة الحاكم، أمسك القلم، آلة العودة بالزمن إلى ما كان، أو ما لم يكن يوماً، وأرسم..
إنَّها كلمات خطها الكاتب والسيناريست عثمان جحى على الغلاف الثاني لرواية العربجي (أبواب الموت والحياة) بعد طباعتها، ثمَّ نظم حفل توقيعها من قبله في مقهى الروضة العريق في شارع العابد بدمشق. يحمل الكتاب بين دفتيه ١٥٩ صفحة من القطع المتوسط الصادرة عن دار نينوى، كان بحضور لفيف من قادة الرأي والمثقفين والمخرجين والممثلين.
استهلَّ الكاتب جحى روايته مكتفياً بجمل قصيرة تتلخص “طرقاتنا- أغاني عبد الحليم حافظ- قصة الحي الأولى- الصفير.. البلور المكسور.. أصوات من راحوا.. جوبر الساكنة فينا… الأبواب التي عبرناها.. أبواب الحياة والموت.. وما بينهما أنت في كل التفاصيل…
أحداث مختلفة
الكاتب جحى بيَّن لـ”الثورة” أنَّه اختار مقهى الروضة لتوقيع روايته، كونه مكاناً عريقاً، له تاريخ، ويُمثِّل ذاكرة لدى الناس، ولم يشهد توقيع رواية أو كتاب فيه، منذ سبعينات القرن الماضي، وأبدى توقعاته بنجاح الجزء الثاني من مسلسل العربجي، مُعرباً عن رضاه بتفاصيل ما قدَّمه العمل الدرامي في جزئه الأول، موضِّحاً بأنَّ الرواية لا تمتُّ بصلة في مجريات أحداثها للمسلسل، لأنَّ السيناريو غاص في تفاصيل أحداث القصة بشكل أكبر.
وهناك تقاطع بينهما، فالرواية تتناول نفس الشخصيات؛ لكن بأحداث مختلفة تماماً فما لم يطرحه العمل الدرامي دوَّنته الرواية من حيث دوافع وكوامن الشخصيات، وتاريخها.
كما أشار مؤلف “العربجي” إلى أنَّ الدراما لا يمكنها إيصال كل ما تريده، لاعتمادها على الصورة البصرية، على عكس الأدب فيمكن للكاتب العودة إلى المادة المكتوبة لقراءة ما دوّنَ متى شاء، مُؤكِّداً بأنَّ الرسالة لم تختلف في كلا العملين -المسلسل والرواية- ونقطة الالتقاء بينهما كانت تعبِّر عن واقع كل المهمشين المحرومين، منوِّهاً بمدى تحريض العمل في كتابة الرواية وإعطاء موضوع عكسي لأنَّ الأدب بشكل دائم يأخذ كلَّ تفكيره باعتباره أعمق وأشمل، وتعتبر الرواية رأس الأدب، مُبشِّراً بإطلاق مؤلف جديد في طريقه إلى القرَّاء وتأخّر إصداره بسبب روايته العربجي، مشيراً إلى أنَّه يمكن إنتاج جزء ثالث للمسلسل ولكن الرواية المكتوبة الصادرة مكتملة في كافة تفاصيلها ولها بداية ووسط ونهاية تتقاطع في جزء بسيط مع العمل الدرامي؛ لكن الأحداث مختلفة وتقنية الكتابة في الرواية تحتاج إلى جهد وعناصر جذب ومخيّلة وأداء وأسلوب التقاط القارئ للأحداث منذ البداية.
عدم استنساخ المسلسل
بدوره الروائي والقاص عماد نداف رأى أنَّ الكاتب لم يُفكِّر باستنساخ المسلسل في روايته وإنَّما عملية اشتراط، ثمَّ عاد الندَّاف بذاكرته إلى المسلسل المصري “رأفت الهجَّان” وكان على غاية الأهميّة لأنَّ الكاتب لجأ إلى طباعة السيناريو وتوزيعه ولو أنَّه عاد وكتب العمل كرواية لما استمتع القرَّاء بالعمل الروائي، أمّا مسلسل “العربجي” عرض الجزء الأول واستمتع المشاهدون به وبانتظار تفاصيل الجزء الثاني منه، وأصدره المؤلف رواية كما أصدر عتبه على المؤلف بأنَّه من الخطأ استنساخ الجزء الأول أو الجزأين معاً في رواية واحدة، مُبيِّناً أنَّه لم يقرأ الرواية لكن يبدو أنَّ جحى كتب رواية أخرى تبدو بنفس الفكرة والرسالة والإيحاء، وأكثر ما يلفت النظر حكاية البطل الشعبي في الدراما السورية حيث تميل إليه، ويمكن تقديم نموذج من المبالغة وازدواج الشخصية، لذا أعطاه صفة الإنسانية المهزومة مع منحها حرية التعبير الكاملة في المسلسل فكان عملاً جميلاً خاصة على صعيد البيئة الشامية إذ حكى مرحلة من تاريخ دمشق، وأضاف النداف حول مدى كتابة المؤلف رواية للتلفزة أم للأدب فلفت إلى أنَّ لدى المؤلف صورة ذهنية باعتبار عنصر التشويق ضروريا في العمل الروائي بحيث يعمل على تركيب أحداث جديدة، والتخليد في العمل الروائي أمر في غاية الأهمية.
أحداث جديدة
بينما المخرج باسم السلكا رأى أنَّ الأعمال الروائية غالباً ما تتحوَّل إلى عمل درامي لكن في رواية “العربجي” حصل العكس، وأشار بأنَّ مخطوط الرواية كان يُشكِّل جلَّ اهتمام الكاتب قبل كتابة السيناريو واعتبره من المشاريع الإضافية له.
أمَّا الممثل فارس ياغي فأشار بأنَّه لم يتوقَّع تحويل العمل الدرامي إلى رواية واعتبره أمراً في غاية الأهميّة لأنَّ تكون مادة أدبية إلى جانب المصوَّرة، فالتلفزة ذاكرتها قصيرة يمكن نسيانها؛ أمَّا الرواية فلها مدلول عكسي تترك بصمتها وتحفر جذورها في الذاكرة، واعتبرها نقطة قوة لكاتب لأنَّ المادة تستحق أن تكون عملاً أدبياً وتوضع بين أيدي القراء لتكون أرشيفاً لمجهود قدَّمه فريق العمل.
ثم بيّن الممثل رائد مشرف بأنَّ المسلسل جماهيري لافت في أحداثه وتفاصيله وأبدى توقعاته بأنَّ الجزء الثاني سيشهد مفاجأة للجمهور بإنتاج تلفزيوني يتضمَّن أحداثاً جديدةً ومشاركة ممثلين مختلفين عن الجزء الأول.