الثورة- فؤاد مسعد:
كثيرة هي المؤشرات التي منحت حالة من التفاؤل لحال الدراما السورية التي ستُعرض على الشاشات والمنصات ومواقع الانترنيت خلال شهر رمضان المبارك. ويبدو أننا أمام موسم دسم درامياً، يحقق حالة من التنوع إلى حد ما، حيث يشهد ميدان الأعمال الاجتماعية المعاصرة طيفاً واسعاً من الموضوعات التي تتراوح بين الإنسانية العائلية والدافئة وبين الصراعات الشرسة، ومحاولة طرق أبواب جديدة مؤثرة، طارحة في مجملها حكايات مشوقة تسعى إلى شد الجمهور.
في حين تطلّ الكوميدية برأسها بخجل مسجلة حضور عدة أعمال اتصف أغلبها بأنه «لايت كوميدي»، أما الدراما التاريخية فغاب إنتاجها للكثير من الأسباب أبرزها غياب النص المهم والمميز، واتجاه رأس المال نحو أعمال أخرى تم الترويج لها على أنها ملحمية وفيها الكثير من الإثارة والأكشن. إلا أن أعمالاً ضاعت في زحمة التسويق ولم تلقَ مكاناً لها، ما يشي أن قرار تأجيل عرضها إلى مواسم قادمة قد اتُخذ.
كما أن هناك أعمالاً يشارك فيها مبدعون سوريون تم تصويرها في الخارج، ستكون حاضرة هي الأخرى في خضم المنافسة، إلا أننا نتناول عبر السطور التالية المسلسلات التي تم تصويرها في سورية، وسيتم عرضها مع بداية الشهر الفضيل، وفيما يلي نعرض لأهمها:
الدراما الاجتماعية المعاصرة
«دراما اجتماعية معاصرة تحكي عن مشكلات السوشيال ميديا، سلبياتها وإيجابياتها والتباين في وعي الأفراد حول استخدامها، ومدى ارتباطها في العلاقات الاجتماعية».. بهذه العبارة عرّفت ديانا فارس مخرجة وكاتبة مسلسل «رماد الورد» عملها الذي تدور أحداثه ضمن إطار تشويقي بوليسي، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، ويتطرق إلى أماكن نادراً ما تطرقت إليها الأعمال الدرامية العربية بعمق، ويتطرق العمل عبر خطوطه إلى العديد من الموضوعات بما فيها جريمة القتل والحسابات الوهمية على منصات الأنترنيت، وآلية تعاطي الشباب اليوم مع مصاعب الحياة، منبهاً إلى موضوع الجريمة الإلكترونية.
ومن الأعمال المعاصرة هناك مسلسل «ولاد بديعة» إخراج رشا شربتجي وتأليف علي الوجيه ويامن الحجلي، الذي يغوص عميقاً في العلاقات الشائكة ضمن عائلة تحكمها شريعة الغاب، حيث تتلاقى أقدار الأخوة وتجـرفـهم ظـروف الحيـاة نحو صراع الدم والمال والانتقام وسط معارك لا ترحم. كما أن هناك عملاً تم تأجيل عرضه من العام الماضي للكاتبين علي الوجيه ويامن الحجلي أيضاً، حمل عنوان «مال القبان» إخراج سيف سبيعي، ويتناول قضايا تلامس الواقع ملقياً الضوء على انعكاسات وتداعيات الحرب التي شنت على سورية وتأثيرها على حياة الناس وظروفهم وما يعيشونه من صراعات.
ويحمل مسلسل «أغمض عينيك» رسالة مشبّعة بروح إنسانية ووجدانية عالية، مسلطاً الضوء على المصابين بـ «طيف التوحد» من خلال شخصية طفل يعاني منه، وكيف هي علاقة المحيطين به، ومحاولة والدته توفير حياة مستقرة وطبيعية له، والعمل من إخراج مؤمن الملا، تأليف أحمد الملا ولؤي النوري. في حين تدور احداث مسلسل «وصايا الصبار» ضمن إطار اجتماعي بوليسي نفسي، مسلطاً الضوء على حكاية عائلتين من طبقتين مختلفتين بينهما خلاف قديم، تجتمعان معاً مجدداً ما يصعّد الصراع ويوصل النهايات إلى أماكن غير متوقعة، والعمل مأخوذ عن مسرحية «ماكبث» لويليام شكسبير، وهو من إخراج سمير حسين وحوار فادي حسين. ومن الأعمال الجديدة هناك خماسية «تيمبو» إخراج ابراهيم قاسم وتأليف ريم عثمان، وتلقي الضوء على صراعات عائلية تدور بين الخير والشر، محورها شقيقان تحكم بينهما روح الانتقام.
مسلسل «الصديقات» مسلسل درامي اجتماعي معاصر من إخراج محمد زهير رجب، كتابة أحمد السيد ومشاركة جودت البيك، تدور أحداثه ضمن إطار مشوق مقدماً الأكشن إلى جانب الحالات الإنسانية التي تعكس دواخل الشخصيات، حيث تنطلق الحكاية من عدة نساء كنّ يعملن في وقت سابق في مجال الرقص بفرقة استعراضية، واستمرت صداقاتهن لما بعد الاعتزال، تجمع بينهن هموم مشتركة وظلم تعرضن له في الماضي، ومن خلال تطور مجريات الأحداث نتابع الصراعات التي يعشنها، كما نلمس ما يمتلكن من صفات نبيلة بما فيها الشهامة والإنسانية وصدق التعامل مع الآخر.
دراما ملحمية شعبية
جرعة عالية من التشويق وعد بها الكاتب مؤيد النابلسي ضمن أحداث الجزء الثاني من مسلسل «العربجي» إخراج سيف سبيعي وتأليف مؤيد النابلسي وعثمان جحا، والذي تدور أحداثه في إطار ملحمي شعبي ضمن البيئة الشامية، ونتابع فيه تصاعد الصراعات خاصة صراع القمح والذهب، حيث لهيب الحرب والانتقام.
كما تم وصف مسلسل «تاج» بالملحمي، وهو من إخراج سامر برقاوي وتأليف عمر أبو سعدة، وتدور عجلة أحداثه فترة خمسينات القرن الماضي، حيث يشتد الصراع بين الشخصيتين الرئيسيتين، رياض بك التاجر الذي يتعامل مع الفرنسيين في الخفاء، وتاج الدين الحمال الملاكم المتمسك بقيمه ومبادئه الوطنية، والذي تربطه علاقة حب مع ابنة رياض بك.
البيئة الشامية
تبرز ثلاثة مسلسلات تدور أحداثها ضمن إطار البيئة الشامية، حيث يتناول مسلسل «بيت أهلي» إخراج تامر اسحاق وتأليف د.فؤاد شربجي، حقبة بداية أربعينيات القرن الماضي فترة الاحتلال الفرنسي، مقدماً صورة ملونة بقصص الحب والطمع والغيرة والكيد، يقول كاتبه د.فؤاد شربجي:»تصل سلوى إلى الحارة بعد أن تخرجت كطبيبة من الجامعة الأميركية، وأثناء سعيها لخدمة أهلها، تقع في علاقة حب مع أحد شباب الحارة، وبالمقابل يصل إلى الحارة من يدعي صداقة أهلها، لكنه يسعى إلى استكمال جريمة وسرقة كان قد بدأها.» ويوضح أنه بين صراع الحب الذي يخدم الأهل، وبين من يريد سرقة الأهل والسيطرة عليهم، تنمو محاور صراعات وتحالفات أهل الحارة، لتتشكل لدى المشاهد صورة غنية في تعبيرها الدرامي لحياة أهل الشام في تلك الفترة.
في حين تدور حكايات مسلسل «الوشم» إخراج عمار تميم وتأليف قاسم الويس، ضمن حارة شعبية في زمن مضى، متناولاً قصص خمس عائلات تترابط فيما بينها، ويبقى «الوشم» القصة الأبرز لأنه يشّكل محركاً للأحداث المشوقة، وفي المحور الأساسي نتابع حكاية زعيم حارة لديه ولدان يقوم بوشمهما، الأصغر قوي والأكبر ضعيف يغادر المنزل منذ الصغر بسبب تأنيب والده الدائم، تمر الأيام ويتصاعد الخلاف على زعامة الحارة.
أما مسلسل «عزك يا شام» إخراج رشاد كوكش، تأليف محمد حميرة ونادين خليل، فيقع في 15 حلقة منفصلة متصلة، وتجري أحداثه في أربعينيات القرن الماضي في حارة تدعى «حارة العنبر»، عنه يقول مخرجه: كل حلقة منه تحكي قصة متفردة عن الأخرى، والرابط فيما بينها مجموعة شخصيات تُشكل الخط المتصل في المسلسل «العكيد وشيخ الحارة وصاحب المقهى والسمان والحلاق والطبيب والداية»، والتي ستكون حاضرة بشكل دائم، وتصلح حكاياته لكل زمان ومكان، فهي تحكي كيف كانت القيم الاجتماعية في ذلك الوقت. ومن الموضوعات المطروحة ضمنه «الحسد، الخلاف حول الإرث، رجل ثري لم يُرزق إلا ببنات وهو يريد الصبي ليرثه..». ـ
الكوميدي وصيغة اللوحات
غلب على المسلسلات ذات الطابع الكوميدي، الأعمال التي اعتمدت على اللوحات، ومنها مسلسل «حبوا بعض» إخراج محمد اسماعيل آغا وسليم شامية وعمر الذهبي، تأليف غيثاء عباس، وهو عبارة عن مجموعة لوحات تعالج قضايا اجتماعية مختلفة، مستنبطة من الواقع.
أما مسلسل «هيك تطلقنا» إخراج يمان ابراهيم وتأليف رضوان شبلي، فيتناول في كل حلقة منها حكاية مختلفة عن الأخرى تتطرق إلى الخلافات والأسباب التي أدت إلى الطلاق، من خلال تقديم طيف من الحالات التي تسعى إلى تناول مجموعة من الشرائح المختلفة والمتنوعة.
وهناك مسلسل «عريس تحت الطلب» إخراج عمار تميم، سيناريو وحوار نسرين الحيلوني، والذي يحكي عن أشخاص يبحثون عن الحب والزواج لظروف مختلفة، فيتم إنشاء جمعية للتعارف.