الثورة _ وعد ديب:
تطالعنا الأخبار بين الفينة والأخرى عن قصص لأطفال أو حتى شباب دفعهم تقليدهم الأعمى لبعض الشخصيات التمثيلية أو استكشافهم حب المغامرة إلى الأذى وإنهاء حياتهم، ولعل الأسباب الرئيسية التي تقف وراء هذه المظاهر السلبية غياب دور التوعية والمراقبة من الوسط المحيط بالطفل منذ الصغر.
المتابعة الأبوية
في هذا الصدد تقول الدكتورة سلوى شعبان الباحثة في القضايا التنموية والاجتماعية في حديثها لـ “الثورة”: ينشأ الطفل في بيئته وفق ما ينهل من إرشادات وقيم وآداب ويتشبع القواعد الأخلاقية فعلاً وواقعاً معاشاً.. ولابد أثناء العملية التربوية من وجود الرقابة والمتابعة الأبوية للطفل من قبل والديه حتى يتبين له ما هي المحاذير وما هي المسموحات المقبولة في الحياة.
التقليد حالة طبيعية
وبحسب شعبان- فإن موضوع التقليد وحب الاطلاع عند الطفل هو حالة طبيعية في مسيرة النمو والنضوج ليصل الطفل إلى معرفة تفاصيل الأشياء ويتعلم ويكتسب المعرفة مع احترام وحسبان كل ما يبعده عنه الأهل وكل ما يشجعونه عليه.
وأشارت إلى أن بين هذا وتلك هناك حالات سلبية مرعبة تفاجئنا بكارثية تقليد الطفل لبرنامج كرتوني أو شخصية خيالية تقوم بأشياء خارقة أو مؤذية للنفس تيمناً بها باعتبارها شخصيات ملفتة للانتباه أو بطولة منفردة وسط عالم متغير والإحصائيات والأمثلة موجودة ومحفوظة لهذه الحالات بالنتيجة النهائية من موت وأذى وفقدان.
وتتساءل الخبيرة بالقضايا التنموية والاجتماعية، أين دور الأهل الذين تركوا هذا الطفل دون إرشاد وتوعية؟ أين دور الأم التي تستطيع ملاحقة الطفل وإفهامه ما يحدث ومدى خطورة ما يراه، إضافة للعبارات والإشارات والجمل المرافقة للبرامج والأفلام المشاهدة.
وحول تنامي الأذية أوضحت بالقول: لن ننكر أن بين أيدي هؤلاء الأطفال أسلحة خطيرة ضمن الأجهزة الإلكترونية وعالم الإنترنيت الغني بتنوع ما فيه.. فترك الطفل فترات طويلة من دون متابعة لما يشاهد ويرى ويتعلم ويقلد يفسح المجال له لتنامي الأذية وتدمير نفسيته.
دور مكمل
وعن دور المدرسة ذكرت: غياب دور المدرسة ببعض الحالات والذي نعتبره المكمل لدور الأسرة والأهل في التربية والتعليم والبناء.. وسط الانفتاح الكبير على عالم مخيف وخطير بعنفه وقسوته وحروبه التي تركت ندبات صعب نسيانها وهذه القرارات الصادرة والتي اعتبرها البعض تطويرًا في العملية التعليمية كمنع التأنيب والضرب وبالطبع نحن ضد الضرب والعنف، لكن مع التأديب والعقاب المناسب الذي يراه المعلم والذي هو دواء مناسب للكثير من الحالات.
تكثيف التوعية
وتابعت: هذه القرارات والتي حجمت قيمة المدرسة والتعليم وأدخلت السخف والسخرية وأصبح الطالب يتطاول على قدسية دور المعلم ويصوره وينشر مقاطع له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا أمر غير مقبول وغير محتمل ورأيناه منتشراً، فالطفل ابن بيئته- كما قلنا- ومهما كبر ونضج هو بحاجة للمتابعة وتكثيف النصح والتوعية وتبيان الخير من الشر، بفتح الحوار والاستماع إليه في جميع الحالات، ومعرفة تأثير من حوله من رفاق ولعب وفترات زمنية يقضيها بعيداً عن الأهل، هو بحاجة من يراقبه داخل البيت وخارج البيت لتكتمل تربيته بشكل أسلم ..رفاق السوء خطر كبير خصوصاً بفترة المراهقة الحرجة.
وتنوه شعبان بضرورة تعرف الأهل على أصدقاء أولادهم ومتابعتهم بالاسم والفعل والأداء، وأن يبقى دور الأسرة بهيبته وحزمه ولينه وقسوته مع المراعاة والمتابعة، وعدم ترك المجال لوجود فجوة التباعد وعدم التدخل من باب بعض أساليب ما يسمى تربية حديثة وحرية التي ساعدت على الضياع وغياب الرقابة الأسرية.
برامج دخيلة
وشددت شعبان على دور الإعلام الكبير والذي نعول عليه دوماً بضرورة منع بث الكثير من البرامج التلفزيونية للأطفال الكرتونية الغريبة عن مجتمعاتنا والدخيلة على أدبياتنا وأخلاقنا، والآن تحمل مجموعة من الأشياء والأفكار والإيحاءات والتي تحاول جهات مجهولة نشرها وجعلها طبيعية الوجود ضمن منظومة التربية والحياة فهي تبثها كالسموم بين أوساط الشباب والأطفال بمسميات عدة كالتطور والانفتاح والجرأة والحرية، ولكّنها لا تحمل إلا الدمار.. فالتربية واجب وقداسة.