الثورة – حلب – جهاد اصطيف وحسن العجيلي:
لم تنتظر الأسعار دخول شهر رمضان لتبدأ بالارتفاع بل سبقته بأيام وهو ما لحظه المواطنون ولم يكن أمامهم إلا التقليل من مشترياتهم أو تأجيلها على أمل أن تنخفض الأسعار عسى أن تعود بعض المواد التي غادرت موائدهم كاللحوم الحمراء والبيضاء، لينعكس المشهد الاقتصادي ركوداً في الأسواق على شكل لا يتمناه الباعة ولا المواطنون خاصة ذوي الدخل المحدود.
انخفاض الدخل مقارنة بالأسعار كان عنواناً لطروحات أصحاب المحال والباعة حتى على البسطات مكررين خلال لقائنا معهم في جولة على بعض أسواق حلب، منها في مركز المدينة ومنها منتشر في الأحياء، ” قلة في حركة البيع والشراء “.
حركة شبه معدومة
“عمر” صاحب محل في سوق حي الأشرفية قال: “لسنوات قليلة، كنا قبل حلول شهر رمضان بأسبوع على الأقل نعمل بوتيرة جيدة من بيع وشراء استعداداً لهذا الشهر الفضيل، وكنا نعمل أغلب الأحيان حتى ساعات متأخرة من الليل، لكن هذا العام مع الأسف حركة البيع والشراء فيه شبه معدومة، عدا عن أننا نشتري بأسعار مرتفعة وهذا بدوره يضطرنا للبيع بثمن مرتفع، كالزيوت والسمون، حتى البقوليات دخلت هي الأخرى ماراثون الأسعار، فهل يعقل كيلو الحمص يفوق سعره “٣٠” ألف ليرة وكيلو البرغل “١٠” آلاف ليرة ليصبح حلماً هو الآخر للبعض، بينما سابقاً كان طعام الفقير، وكيلو الفاصولياء الحب حوالى “٤٠” ألف ليرة، وكيلو العدس الذي من المفترض أن يكون طبقاً أساسياً في رمضان على كل مائدة يفوق سعره “٢٢” ألف ليرة”.
اختصار مشتريات الأسرة
زميل له في المكان أراد أن يشارك الحديث يقول بحرقة: “هذا العام يختلف كثيراً عن العام الماضي بالنسبة لحركة البيع والشراء، فهي خجولة والذي نبيعه طوال اليوم من جميع المواد كانت أسرة واحدة تشتريه سابقاً استعداداً لشهر رمضان، لكن كلنا نعلم الوضع المادي لأغلب الناس والارتفاع الجنوني بالأسعار الذي أثر على عملية البيع والشراء من قبل المواطنين، فهل يعقل أن يصل كيلو الشاي إلى “١٨٠” ألف ليرة، وكيلو القهوة العادي جداً يبدأ من مئة ألف ليرة، وكيلو التمر المقبول نوعاً ما “٥٠” ألف ليرة، وكما نعلم أنه في شهر رمضان وجود ما ذكرناه ضروري في كل بيت، هذا عدا عن الألبان والأجبان الضرورية على وجبة السحور، ومع هذا بسبب الارتفاع الكبير بأسعار مشتقات الحليب انخفضت بنسبة كبيرة مبيعاتنا وكلها بكميات قليلة، فكيلو الجبنة المشللة “٦٠” ألف ليرة، وكيلو الجبنة العادية “٣٥” ألف ليرة كون موسمها الآن، وكيلو اللبنة حوالى “٣٠” ألف ليرة، وقس على ذلك!.
“أم محمد” ربة منزل أكدت أنه من الصعب إعداد وجبة مناسبة للعائلة فأقل طبخة يمكن أن تصل تكلفتها إلى أكثر من مئتي ألف ليرة، وارتفاع الأسعار بشهر رمضان بات تقليداً سنوياً اعتدنا عليه كما في كل عام، وأردفت: “الوضع لا شكّ صعب على الجميع، ولكن كيف يمكن تحقيق المعادلة لتلبية الأساسيات على الأقل، نعتقد أن المعادلة مستعصية الحل لأن ليس الأساسيات بل أقلها لم تعد متوفرة أمام غلاء السلع وقلة في الغاز والكهرباء، ناهيك عن ارتفاع أجار البيوت التي يعاني منها الكثير في حلب وغير ذلك، لذلك من الآن نفكر كيف يمكن لنا أن نتدبر مصروف رمضان، ومن بعده عيد الفطر السعيد”.
صحن فتوش تكلفته ٥٠ ألف ليرة
ويبتسم “أبو عبدو” ابتسامة العارفين ويقول: أستغرب لماذا يفكر الناس بهذه المسألة كثيراً وتشغل بالهم ليلاً- نهاراً، المسألة لم تعد تحتمل أكثر من اللازم، لسبب بسيط أن أبسط سلعة سواء غذائية أم غيرها يرتفع سعرها مرة أو مرتين خلال فترات متقاربة، مثلاً كيلو البندورة الآن حوالى “٩” آلاف ليرة وقد يرتفع أكثر ومثلها الكثير من الخضار، يعني أقل صحن فتوش قد يصل تكلفة إعداده إلى “٥٠” ألف ليرة، لذلك نقول لا فائدة ترجى، حيث مراقبة الأسواق غائبة وإن وجدت فهي كما يقال “متل قلتها”.
انخفاض الدخل سبب رئيسي
من جانبه أكد أمين سر الجمعية الحرفية للمواد الغذائية عبد الرحيم أبو مغارة أن ارتفاع الأسعار انعكس بشكل كبير على واقع الأسواق، وخاصة على باعة المفرق وبالتالي على المستهلك النهائي، واصفاً واقع الأسواق بغير المبشر.
وأضاف أبو مغارة أن انخفاض الدخل، وارتفاع بعض الأسعار من قبل تجار الجملة هما طرفا المعادلة، مطالباً بتشديد الرقابة التموينية على الأسعار وكذلك الرقابة الصحية على المواد الغذائية.