الثورة – دمشق – وفاء فرج:
ركز مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية على موضوع إعداد رؤية متكاملة، لمعالجة واقع الشركات المدمرة جراء الإرهاب وفق أولوية إعادة تأهيل الشركات المتضررة جزئياً، وذلك بهدف تنشيط العملية الإنتاجية واستثمار الكوادر البشرية والإمكانيات المادية المتوافرة بالشكل الأمثل، وذلك من خلال اختيار الكفاءات الأكثر قدرة على إدارة هذه الشركات الإنتاجية المحدثة نتيجة عملية الدمج في عدد من القطاعات،و بما يحقق إطلاق وتعزيز العملية الإنتاجية وتطوير عمل هذه الشركات.
قراءة وتوصيف..
فكيف يقرأ المتخصصون والباحثون الاقتصاديون هذه الرؤية؟
عضو جمعية العلوم الاقتصادية والباحث محمد بكر رأى في حديث لـ”الثورة” أن هذه الرؤية بنيت على تنشيط العملية الإنتاجية، وطالما أن الشركات مدمرة ولو جزئياً، فلا يمكن تنشيط العملية الإنتاجية، خاصة أن هذه الشركات كانت، ومن قبل الأزمة، تعاني من قدم خطوطها الإنتاجية وكثرة الأعطال والتوقفات وضعف الإنتاجية، ومنتجاتها قديمة لا يوجد رغبة، ولا سوق لها، وحل بدلاً عنها منتجات أفضل وأقل كلفةً.
شركات جديدة..
واقترح بهذا الشأن أن يتم تأسيس شركات جديدة (ممكن تشاركية أو مساهمة والاستفادة من الأرض وما تبقى من البنية التحتية) بخطوط إنتاج متطورة تقدم منتجات حسب حاجة السوق تلبي أذواق ورغبات الزبائن وتحل بدل مواد مستوردة.
وحول استثمار الكوادر البشرية تساءل إن كان بقي كوادر بشرية لاستثمارها، وهل بيئة الشركات العامة جاذبة للموارد البشرية الخبيرة والجيدة، وإن كان القصد هو كوادر هذه الشركات المدمرة فأغلبها تقاعد أو تم نقله إلى شركات أو محافظات أخرى، والمتوفر لا يتناسب مع وضع الشركة في حال تحديثها وتطوير خطوطها الإنتاجية.
غير واضح..
واعتبر بكر أن الحديث عن استثمار الإمكانيات المادية المتوافرة بالشكل الأمثل، غير واضح، لأن هذه الشركات متوقفة، ولا تملك أي إمكانيات مادية، فإذا المقصود الخزينة العامة، فلا اعتقد أن هناك إمكانية لضخ استثمارات في الصناعة أما إذا كان المقصود القطاع الخاص، فهذا بحث آخر، مبدياً ملاحظة على طريقة اختيار الكفاءات في الإدارة الصناعية.
المعالجة جزئية..
من جهته الأستاذ في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية قال: إن التركيز والدراسة والمعالجة لا يجب أن تقتصر على الشركات المدمرة، بل أيضاً (وربما هذا هو الأهم) أن تطول أيضا الشركات المتضررة، واحتياجاتها من التمويل، وكيفية التعامل مع وضعها، والمضي قدماً بالنسبة للشركات (الاستراتيجية) من جهة و(الهامشية) من جهة أخرى.
ويتابع: (التركيز على الهامشية) ينتظر رؤية متكاملة لمعالجة واقع الشركات المدمرة جراء الإرهاب وفق أولوية إعادة تأهيل الشركات المتضررة جزئياً، وعليه ينتظر التركيز على الهامشية وتوجيه التمويل والدعم لها، وعدم هدر الأموال على الشركات الهامشية ولو كانت رابحة.
وبخصوص كيفية التعامل مع الشركات الخاسرة يقول فضيلة: لا مبرر له، ونستطيع إذا كان الاستمرار بها مجدياً اقتصادياً واجتماعياً، بالمقارنة مع تكلفة الإبقاء عليها.
ويتساءل الخبير الاقتصادي عن كيفية التعامل مع شركات عامة تنتج نفس منتجات القطاع الخاص بكفاءة، وتنافسه من دون مبرر، باعتبار أن الإنتاج والناتج والقيمة المضافة والدخل القومي والاستثمار والادخار القومي هو محلي على المستوى الكلي، وهو ذاته أكان تم استخراجه من جهة عامة أم من جهة خاصة؟.
وأما كيفية التعامل مع القطاع العام الاقتصادي بمجمله، وآلية إصلاحه وتفعيله والاستفادة القصوى من وجوده- بحسب الخبير الاقتصادي- يجب أن تكون في إطار الدور المتجدد (التدخل الإيجابي) للدولة، والذي بدأ ينحو إلى اقتصاد حقيقي وتسعير واقعي بالحد الأدنى من الدعم تجنباً لتشوه جهاز السعر، وليقترب من حيثيات الواقع على الأرض، ونقول ذلك مع افتراض أنه ستتم إعادة النظر بمطارح، وشكل الدعم وبنظام الأجور وبآليات تحسين مستوى المعيشة.
وعليه- والكلام لفضلية – فإن النظر بجزء من أجزاء القطاع العام الاقتصادي، ولغاية حل مشكلة واحدة فقط من مشاكله العديدة، لن يكون مجدياً كما يجب.