الثورة _ ميساء العجي:
تشكل الأمراض الوراثية عبئاً ثقيلاً على المجتمعات وخاصة في منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية، حيث توجد بعض العوامل الاجتماعية التي تزيد من نسب حدوث هذه الأمراض بسبب زيادة زواج الأقارب واستمرار الإنجاب إلى سنّ متأخرة.
أستاذ الأمراض الوراثية بكلية الطب البشري بجامعة دمشق الدكتور محمد علي عجلوني يذكر في سياق ذلك أن المرض الوراثي هو عبارة عن خلل في الجينوم والتي هي المادة الوراثية، أو الحمض النووي، وقد يحصل على مستوى أصغر كما يحدث في التلاسيميا والمنجلي أو يكون على مستوى أصغر كمتلازمة داون.
ويضيف: في المرض الوراثي يوجد ناقل سليم ويوجد مصاب وليس من الضروري أن يظهر المرض منذ الولادة، وربما يظهر بالأيام الأولى للمولود أو بعد أشهر أو سنين، وقد يصاب المريض بعد عمر الثلاثين بمرض نفسي يعاني فيه المريض من تراجع القدرة الحركية أو التراجع العقلي والكآبة وصعوبة باللفظ، يكون إنساناً طبيعياً فجأة تبدأ حالته بالتراجع.
الأمراض الوراثية
يوضح الدكتور عجلوني أن الأمراض الوراثية تنجم عن أي خلل في المادة الوراثية، إذ يوجد أمراض وراثية تنتقل من والد مصاب إلى نسله بنسبة 50٪ في كل حمل، ويوجد أمراض وراثية ينقل الوالدان الناقلان السليمان الطفرة إلى الذرية بنسبة 50٪ في كل حمل، ويوجد أمراض وراثية تحصل دون أن يكون للوالدين والأجداد صلة بها، مثل متلازمة داون تحصل بنسبة واحد بالألف من كل حمل، لافتاً إلى أن متلازمة داون أخطر ما فيه التخلف العقلي ومرض القلب.
نوع معقد
أيضاً يوجد نوع ثالث من الأمراض الوراثية يكون نمط انتقاله في العائلة معقداً كداء السكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني وفرط الشحوم دون معرفة نسبة دقيقة لحصولها في العائلة، وحسب رأي د.عجلوني فإن احتمال ولادة طفل مصاب بمرض وراثي يزداد بنسبة الضعف في حال زواج بين ذوي القربى (نسبة للزواج بين غير ذوي القربى) في حال المرض الوراثي المتنحي، حيث يكون الزوجان ناقلين لنفس الطفرة الموروثة من جد مشترك.
تصيب عدة أجهزة بالجسم
يقول الدكتور عجلوني: إن غالبية الأمراض الوراثية تصيب عدة أجهزة في الجسد ويغلب أن تكون هذه الإصابات شديدة على عمل الجهاز، كآفات القلب الخلقية والتشوهات الكلوية، وفقر الدم اللامصنع، والتشوهات الدماغية وتكون علاجاتها على الأغلب ملطفة وليست شافية ويترتب على الفرد والعائلة والدولة تكاليف مادية كبيرة.
وإذا كان السؤال هل يمكن الوقاية من المرض الوراثي؟
يؤكد د.عجلوني أنه لا يمكن الوقاية من المرض الوراثي كونه يمكن أن يحدث من دون سوابق إنذار أي دون قصة مرض سابق في العائلة، لكن يمكن إدخال التوعية المجتمعية بالحد ما أمكن من زواج الأقارب، والتشخيص على الجنين للكشف المبكر عن مرض وراثي مشوه أو غير مشوه، والتركيز على أهمية الاستشارة الوراثية سواء قبل الزواج وفي حال أمراض وراثية في العائلة.
حمى البحر الأبيض المتوسط
يقول د.عجلوني إن مرض حمى البحر الأبيض المتوسط هو مرض وراثي يشيع في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، يكون الوالدان ناقلين للطفرة من دون أن تظهر عليهم أي أعراض يصاب المريض بحمى دورية مع آلام مفصلية وألم بطني تدوم النوبة يومين أو ثلاثة، وبالتالي يمكن أن تؤثر على الكليتين مسببة القصور الكلوي، مع العلاج مدى الحياة بدواء الكولشيسين الذي يخفف ويباعد بين النوب.