الثورة _ غصون سليمان:
عندما تكون الأنثى، والمرأة الموظفة، والعاملة، وربة المنزل، عمود التحدي ومحور التغيير، وتسقط من حساباتها مفردات اليأس والخمول والإحباط، فهي تصنع فرقاً لنفسها وأسرتها بالتأكيد ضمن ظروف ضاق بها الجميع وضاقت هي على الجميع.
لعلها معايير في التفكير المتوازن لتبقى في قلب الحدث شاهدة على ملفات الفقر، وقلة الحيلة بعد سنوات من الوفرة والأمان والبحبوحة المادية.
وإذا ما وقفنا عند بعض التجارب لسيدات عاملات ندرك عمق التصميم والإرادة ليكن ناجحات وفاعلات يمنحن الطاقة الايجابية بإقناع رشيق يصل من دون ضجيج.
السيدة جمانة كناني من نقابة عمال الدولة والبلديات شقت طريقها بداية عملها من الإدارة المركزية للاتصالات اختصاص محاسبة، إضافة لرئيس اللجنة النقابية بالمؤسسة.. كناني التي استثمرت وقتها بتنظيم وإتقان داخل أسرتها وفي عملها، لا تعرف للملل طريقاً فهي تجيد معظم الأشغال اليدوية بمهارة عالية، وكل ما تلحظه من أعمال جميلة تحاول أن تنجز مثله مع إضافة بصمة خاصة بها من شغل الصوف بسنارة وسنارتين، لألبسة الأطفال والشالات، والطواقي، وغيرها العديد من أنواع المكرميات الخاصة بالستائر، وحمالات الحقائب، والكتب، والهاتف، والنباتات الطبيعية والصناعية حسب زوايا المنزل.
كناني التي شاركت بمعرض منتوجات المرأة العاملة في مبنى اتحاد عمال دمشق وريفها ضمن مشروع اقتصادات الأسرة، لا يوجد لديها وقت للفراغ إذ عكس ذلك ركنها الجاذب للتصاميم الرائعة بألوان المشغولات صغيرها وكبيرها لنماذج كثيرة تمتلك منها العديدة في منزلها، فهي تلبي رغبة الزبائن حسب الطلب فيما يحبون من تصاميم وأشكال، أكانت من الصوف أو خيطان المكرميات، أو اللوحات المحفورة والمحروقة على الخشب.
وفي إعادة تدوير الأقمشة الزائدة والقديمة وتوالف عبوات القطع البلاستيكية المتنوعة في الحجم والشكل، فهي لا تهمل أي شيء حتى القصاصات الصغيرة تجد مكانا بين أناملها المبدعة.
الجميل أن الحرفية كناني وجدت لها طريقاً وأسلوباً في إعادة التغير لاستخدامات جديدة بحيث تستثمر لحاجات المنزل والأبناء الصغار والكبار، أيضاً لديها هواية في صناعة الصابون اليدوي للخزائن واليدين، وكذلك الاهتمام بصناعة الشمع بقياساته المختلفة.
شاركت السيدة كناني في العديد من الدورات المهنية التي أقامها اتحاد عمال دمشق وريفها وله يعود الفضل في مساعدة النساء العاملات للاستفادة من الخبرات العملية بتوسيع مداركهن في كل حرفة، فمهما أبدع الإنسان واجتهد يبقى هناك ما ينقصه، فالموهبة تحتاج لتغذية دائمة ومتابعة كل جديد حسب رأيها.
وكانت مدربة في ثقافي المزة وغيره لصناعة ورد السيراميك وشغل السنارة والصوف والمكرميات لمن يرغبن بهذه الأعمال اليدوية، إلى جانب مشاركتها لمنتجاتها في معارض عدة.
ولعل الأهم في حديثها لـ “الثورة” أنها لم تلفظ يوماً عبارة “أنها تشعر بضيق خلق أو ملل، أو أي تأفف من العمل بكل أشكاله”، والسبب أنها تشعر بأن جنتها بما تقدمه في بيتها ومع أسرتها وفي عملها مع المحيطين بها.. وعند الانتهاء من كل واجباتها فإنها تخلد للمهنة التي تحبها وتفرغ كل طاقات التعب والجهد فيها بكل محبة وسرور، لطالما أنها تنجز شيئاً مفيداً تقوي به شخصيتها وتطور مهاراتها وتساعد أسرتها ومن حولها من خلال الأشغال اليدوية والتي أصبحت بمنزلة مشروع تنموي صغير يرى النور شيئاً فشيئاً، ومن الضروري إيجاد وسائل للتصريف.
أما نصيحتها لكل فتاة في مقتبل العمر.. أن تتعلم مهنة بيدها لتبقى رصيدها المعين لآخر العمر.. الحياة لا تدوم لأحد.. والاعتماد على النفس كنز رابح لا يفنى.