الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
في الثالث من نيسان الجاري، وصلت الدفعة الأولى من المساعدات الغذائية الطارئة المقدمة من الحكومة الصينية إلى مطار خوسيه مارتي الدولي في هافانا.
وصرح لو تشاو هوي، مدير الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي، في المطار أن “الحكومة الصينية فخورة ومتعاطفة تجاه كل تقدم وكل تحدي يواجهه أصدقاؤنا الكوبيون، وإن المساعدة المقدمة اليوم هي رمز لود الشعب الصيني”.
إن المساعدة التي قدمتها الصين في الوقت المناسب تظهر بوضوح مرة أخرى دعمها الثابت لكوبا في التغلب على نقص الغذاء والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
وبسبب تفاقم الصراعات والحروب في العالم، وتغير المناخ، ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية بشكل حاد خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى نقص حاد في الغذاء في بعض البلدان والمناطق.
وفي تقرير العام الماضي، كتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “يواجه أكثر من 2.5 مليار شخص الآن جوعاً شديداً، وبعضهم على حافة المجاعة، وهذا أمر غير مقبول”.
وتضررت كوبا، التي تعتمد على الواردات الغذائية، بشكل مضاعف، وإن الحظر المفروض على كوبا من بقايا فترة الحرب الباردة قد حظي بمعارضة كبيرة وتعرض لانتقادات واسعة النطاق من قِبَل المجتمع الدولي، كما يتبين من القرارات السنوية التي تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تحث على إنهائها منذ عام 1992.
وتشير اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي إلى خسائر مذهلة لكوبا، تصل إلى مليارات الدولارات سنوياً بسبب الحصار الذي يعوق إنتاجيتها الزراعية بشكل كبير ويشكل تهديداً خطيراً للأمن الغذائي. كما أن الحصار الأمريكي يضر بشدة بحق الشعب الكوبي العادي في البقاء والتنمية.
إن المساعدات المُقدمة من الصين لكوبا، بما في ذلك تسليم كميات كبيرة من المعدات الطبية والأغذية مثل الأرز، تسلط الضوء على الخطوات العملية التي اتخذتها بكين لدعم الشعب الكوبي.
هذه المساعدات ليست مجرد لفتة دبلوماسية، بل هي مساهمة كبيرة في الرعاية الصحية والأمن الغذائي في كوبا وسط صراعاتها الاقتصادية التي تفاقمت بسبب الحصار، كما أنها تدعم كفاح الشعب الكوبي ضد الهيمنة الغربية.
ولم تستسلم كوبا حكومة وشعباً أبداً للأحادية والهيمنة الأمريكية، وعلى الرغم من الضغوط الهائلة والخسائر الناجمة عن الحصار، ظلت كوبا ملتزمة بنشاط بتعزيز التضامن العالمي والتعاون الدولي.
وتسعى الحكومة الكوبية أيضاً إلى إصلاح نقص الغذاء من خلال الجهود المبذولة لإنعاش صناعة السياحة، وكسب المزيد من النقد الأجنبي ورفع مستوى التنمية الزراعية.
وقد ساهمت العلاقات الثنائية بين الصين وكوبا، التي تم تعزيزها في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، في تسهيل تعميق التبادلات الاقتصادية والتجارية. ويمتد هذا التعاون إلى قطاعات مختلفة، ما يحقق فوائد ملموسة لشعبي البلدين ويحظى بتقدير العديد من دول أمريكا اللاتينية، ويسلط الضوء على إمكانات التضامن الدولي في مواجهة العقوبات أحادية الجانب.
وبينما يخضع المشهد السياسي في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي لجولة جديدة من التعديلات العميقة، فإن السرد الذي ينظر إلى أميركا اللاتينية باعتبارها “الفناء الخلفي” للولايات المتحدة أصبح عتيقاً ويقوض سيادة واستقلال البلدان داخل المنطقة.
وفي الأعوام الأخيرة، كانت دول أميركا اللاتينية، مثل البرازيل، أكثر نشاطاً في دعم التنمية الاقتصادية في كوبا ومعارضتها العلنية للعقوبات الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة. ويعكس هذا وعي الدول المتزايد بالتنمية المستقلة داخل المنطقة ويعزز الإجماع المتزايد حول تحقيق حوكمة عالمية أكثر إنصافاً وتنمية مشتركة.
كما أن تعزيز وعي دول أمريكا اللاتينية بالتنمية المستقلة يجعل من الصعب تحقيق تقدم في محاولات واشنطن خلق انقسامات بين الصين ودول أمريكا اللاتينية وإجبار هذه الدول على اختيار أحد الجانبين.
وتدعم الصين بقوة النضال العادل الذي يخوضه الشعب الكوبي للدفاع عن سيادته الوطنية ومعارضة التدخل الأجنبي والحصار. ولا بد من تصحيح الممارسات غير المشروعة التي تقوم بها بعض البلدان التي تفرض بشكل تعسفي عقوبات أحادية تؤدي إلى قطع مساعدات التنمية، وتجميد الأصول المشروعة للبلدان الأخرى. وتؤيد الصين باستمرار إنهاء الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي المفروض على كوبا.
ويشكل دعم الصين ومساعدتها لكوبا جزءاً أساسياً من المعارضة العالمية للهيمنة والجهود الرامية إلى إقامة نظام دولي أكثر عدالة وعقلانية وأكثر شمولاً.
المصدر – غلوبال تايمز