الثورة – ترجمة رشا غانم:
إذا كان لا يزال هناك شخص في العالم غير متيقن من البلد الذي يشكل التهديد الأكبر على العولمة الاقتصادية عن طريق وتقليص وإضعاف السوق الحرة، فعليه أن يعلم بأن الاندماج المزعوم بين الصلب الياباني نيبون والفولاذ الأمريكي هو المتهم الوحيد.
فقد أعلنت شركة نيبون ستيل اليابانية في كانون الأول أنها تخطط لشراء منتج الصلب ومقره بيتسبرغ مقابل 14.1 مليار دولار في صفقة يعتقد الكثيرون في مجتمع الأعمال أنها ستفيد العمال النقابيين وصناعة الصلب الأمريكية، وعلاوة على ذلك، حاولت شركة نيبون ستيل اليابانية- رابع أكبر شركة لتصنيع الصلب في العالم- تذهيب الزنبق لواشنطن من خلال وصفها بأنها وسيلة مفيدة لمواجهة الدور الرائد الذي تلعبه الصين في صناعة الصلب على مستوى العالم.
وقالت في بيان:” نيبون ستيل ستعزز الأولويات الأمريكية من خلال زيادة الجودة والقدرة التنافسية للعملاء في الصناعات الحيوية التي تعتمد على الصلب الأمريكي مع تعزيز سلاسل التوريد الأمريكية والدفاعات الاقتصادية ضد الصين”، كما وصف أكيرا أماري، النائب البارز عن الحزب الحاكم الياباني، الصفقة المقترحة بأنها “رمز للتعاون الياباني الأمريكي كحلفاء لمواجهة قدرة الصين التكنولوجية المتزايدة “.
ولزيادة فرصة تأمين الصفقة، تعهدت شركة صناعة الصلب اليابانية، التي توظف بالفعل حوالي 4000 عامل أمريكي، بنقل مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة إلى بيتسبرغ، وبالإضافة إلى ذلك، قالت الشركة إنها تتعامل مع نقابة عمال الصلب المتحدة التي تعارض الصفقة، وقدمت عدداً من الالتزامات المحددة بشأن الأمن الوظيفي والاستثمارات ومسائل أخرى.
ومع ذلك، على الرغم من كل هذه الإيماءات التي قامت بها الشركة، بالإضافة إلى حقيقة أنها تدفع حوالي ضعف ما يكون العارض الأمريكي مستعداً لدفعه، ينضم السياسيون في واشنطن، من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري الذين يتبنون رؤية اقتصادية قومية وحمائية قوية بشكل متزايد، إلى نقابة عمال “الصلب المتحدون” لمعارضة الاندماج المقترح.
ومن المفارقات أنهم استشهدوا بتعرض نيبون ستيل لخطر الصين كأسباب للقلق، على الرغم من أن شركة صناعة الصلب اليابانية قالت إن عملياتها في الصين محدودة للغاية – تمثل أقل من 5 في المائة من طاقة الإنتاج العالمية للشركة.
هذا ولم تؤد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في تشرين الثاني إلا إلى زيادة الشوفينية وجعل الصفقة المقترحة بمثابة حامل علم لمناصرة الحزبين للعمال الأمريكيين أثناء تنافسهما على الأصوات، فبعد أسبوع من إعلان الرئيس جو بايدن في 14 آذار أن “يو إس ستيل كانت شركة أمريكية مبدعة للصلب لأكثر من قرن، ومن الضروري أن تظل شركة أمريكية للصلب مملوكة ومشغلة محليا”، فقد فاز بتأييد نقابة عمال “الصلب المتحدون”.
وكان خصمه الجمهوري دونالد ترامب قد قال بالفعل في وقت سابق إنه سيمنع الاندماج إذا عاد إلى البيت الأبيض، واصفا إياه بأنه “شيء مروع”، وكل هذا بمثابة علامات لا لبس فيها على أن الولايات المتحدة تبتعد عن سياستها القائمة منذ فترة طويلة في الانفتاح على التجارة الخارجية والاستثمار، والحد الأدنى من التدخل الحكومي في الأسواق.
لفترة طويلة، رسمت الولايات المتحدة نفسها كمدافعة عن التجارة الحرة ووجهت أصابع الاتهام إلى الصين لعدم السماح بوصول أوسع إلى الأسواق وتوفير ساحة لعب متكافئة للمستثمرين الأجانب، ومع ذلك، فإن اندماج نيبون ستيل، بالإضافة إلى عدد كبير من السياسات التقييدية التي تم تقديمها لقمع شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية مثل هواوي وتيك توك، يكذب ادعاء واشنطن.
المصدر- تشاينا ديلي