العيدية.. تعبير عن المودة وغنائم ينتظرها الأطفال

الثورة – صبا أحمد يوسف:

نادرا ما تكون العادات الاجتماعية والأسرية محط إجماع لدى الناس، لكن لا نظن أن اثنين يختلفان على جمالية وحب طقس أو العادة التي تمارسها الأسرة في مجتمعنا السوري والعربي والإسلامي وهي العيدية، تلك العادة الجميلة التي تقبع في الجزء الجميل النقي من ذاكرة الكبار، ويحلم ويهلل لها الصغار.
من منا لم ينتظر أول أيام العيد، لنيل ما يقدمه لنا الأهل والأقارب من أموال العيدية، ليزهو بذلك، ويعيش لحظة المنتصر في حرب خرج بها بالكثير من الغنائم، وليعيش بعدها لحظات المفاخرة والتخطيط للطريقة التي سيعمل فيها على صرفها، وكم من الأطفال يبدأ بعقلية اقتصادية، بحيث يصرف منها قسما ويوفر الآخر للأيام التي تلي العيد.
رغم الظروف الاقتصادية، وقلة دخل الغالبية العظمى من الأسر عما كان عليه سابقا، نجد الجميع يصر على أن تبقى فرحة الأطفال وبهجة حصولهم على تلك القطع النقدية ورؤية فرحهم وسرورهم أيام العيد ، من خلال حضور العيدية.
عادة اجتماعية
تسبب تراجع الأوضاع الاقتصادية للأسرة السورية، بسبب منعكسات الحرب الإرهابية التي شنت على سورية طوال 13 سنة مضت، بشكل أو آخر بقلة تواصل افراد العائلة، وتراجع العلاقات الأسرية واللقاءات بينها، نوعا ما نظراً لعدم قدرة العديد من الأسر القيام بواجب ومتطلبات الزيارة، أمام أولوية تلبية احتياجات الأسرة الداخلية، إلا أن ذلك لم يؤثر على الوفاء بعادة “العيدية” وتقديمها للأطفال ولو في الحدود الدنيا.
تشكل العيدية سبباً رئيسياً لسعادة الطفل، لما تشكله هذه الهدايا من الأهل والأقارب والأحبة من سرور أيام عيد الفطر السعيد والأضحى المبارك، كما أنها تعكس في زاوية ما حجم المحبة والمودة والتعاطف، فتكون بذلك مصدر فرح وبهجة للمانح والمتلقي معا، تعبر عن متانة الترابط العائلي خصوصا والمجتمعي عموما.
في المجمل ما يهم الطفل العيدية، بعيدا عن مدلولاتها ومن أين بدأت تلك الفكرة، ومن هو أول من قام بتقديم العيدية، كما أن الكثير من الكبار يقدمها كموروث وعادة دون معرفة جذورها..
ليبقى السؤال من أين انطلقت العيدية ومن هي أول المجتمعات التي قدمت العيدية؟
العيدية تاريخياً
عرفت العيدية في عهد الدولة الاسلامية الفاطمية، إضافة الى الكثير من العادات والاحتفالات بشهر رمضان المبارك بداية من مواكب الرؤية والفانوس وتزيين الشوارع والمسحراتي واعداد العصائر والمشروبات والطعام المميز، إذ كان الفاطميون يقدرون الشهر المبارك حق قدره، كما اشتهرت الدولة الفاطمية باهتمامها بمظاهر الاحتفال وإحياء المناسبات، ومن ذلك طقوس البهجة والاحتفال في شهر رمضان المبارك وذكرى المولد النبوي الشريف وغيرها من المناسبات الدينية التي اصبح لها ارتباطات اجتماعية وثقافية، فأصبحت المناسبات الدينية في هذا العصر مرتبطة بالاحتفالات، حيث كان الخليفة يقوم بتوزيع العملات الذهبية والفضية على افراد الشعب ممن جاؤوا لتهنئته بالعيد.
تعتبر العيدية تقليداً فاطمياً فقد كانت تمنح الدولة زيادة في الرواتب مع دخول أيام العيد وخاصة بعد ختم القرآن الكريم في شهر رمضان، كما كانت تقدم كسوة العيد في “دار الكسوة” التي يوضع بها الملابس وتفرقها على رجال الدولة والشعب لذلك سمي عيد الفطر بـ” عيد الحلل، والحلل هي الثياب المكومة من القميص والعمامة والسروال، ويوزع معها صرة من النقود، وكانت تسمى بـ”الرسوم” و”التوسعة”.
استمرت “العيدية” أيام الدولة المملوكية وكانت تعرف بـ”الجاميكة”، حيث كان السلطان يصرف راتب بمناسبة العيد، للأمراء وكبار رجال الجيش، وكانت قيمة العيدية تتفاوت تبعا للمرتبة، فكانت تقدم للبعض على شكل طبق مملوء بالدنانير الذهبية، وللبعض دنانير فضة، إضافة إلى المأكولات الفاخرة” حسب ما ورد في دراسة أثرية لعالم الآثار الإسلامية الدكتور علي أحمد الطايش”.
أما بالنسبة لعامة الشعب ممن يذهبون لقصر الخليفة صباحية العيد للتهنئة، فكان يتم نثر الدراهم والدنانير الذهبية عليهم من أحد أبواب القصر.
والعيدية بشكلها الحالي، فهي متوارثة منذ العصر العثماني، حيث كانت النقود والهدايا توزع كما يحدث في وقتنا الراهن تقريبا، لتتحول مع الأيام الى ثقافة وعادة شعبية يقوم الناس بأدائها فيما بينهم كنوع من التعبير عن البهجة وتطور اسمها مع الوقت لتعرف بـ”العيدية”.

آخر الأخبار
السفير الألماني يدعو إلى تجديد التبادل التجاري مع سوريا   المراهق.. فريسة بين تنمر المجتمع والعالم الرقمي  اختصاصات جديدة تعيد رسم ملامح كليات الشريعة  مشاريع الخريجين وتأهيلهم لسوق العمل على الطاولة   خرسانة المستقبل.. ابتكار سوري يحول الأمطار إلى ثروة مائية  التدريب والتأهيل.. فجوة بين العرض والطلب في سوق العمل  تصدير 11 ألف رأس من الماشية الى السعودية "المركزي" يمنح البنوك مهلة 6 أشهر لتغطية خسائر الأزمة اللبنانية بدء تنفيذ مدّ الطبقة الإسفلتية النهائية على طريق حلب – الأتارب الإحصاء.. لغة التنمية ورهان المستقبل "التربية والتعليم ": الإشراف التربوي في ثوب جديد وزير الداخلية يترأس اجتماعاً لبحث الواقع الأمني في ريف دمشق "المواصلات الطرقية": نلتزم بمعايير الجودة بالصيانة وضعف التمويل يعيقنا البنك الدولي يقدّر تكلفة إعادة إعمار سوريا بـ216 مليار دولار "صحة اللاذقية" تتابع 24 إصابة بالتهاب الكبد A في "رأس العين" حملة إزالة الأنقاض تعيد الحياة إلى شوارع بلدة معرشمشة سوريا والصين.. رغبة مشتركة في تصحيح مسار العلاقات زيارة الشيباني المرتقبة إلى بكين.. تعزيز لمسار التوازن السياسي هل تعوق البيانات الغائبة مسار التعافي في سوريا؟ شوارع حلب تقاوم الظلام .. وحملات الإنارة مستمرة