الثورة – هبة علي:
في عالمنا اليوم، الذي أصبح فيه كل شيء رقمياً ومكشوفاً للعلن، لم يعد هناك ما يسمى بـ “الخصوصية”، فجميعنا نشارك صورنا، ولحظاتنا، وحتى مشاعرنا عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولكن في الوقت ذاته، يستغل البعض هذا الانفتاح بأسوأ الأساليب وأبشعها.
من أخطر الجرائم
الباحثة الاجتماعية هدى الموسى ترى أن جريمة الابتزاز الإلكتروني واحدة من أخطر الجرائم التي تتفشى في صمت، إنها جريمة تحول صورة، أو محادثة، أو حتى معلومة بسيطة، إلى أداة تهديد تدفع الضحية للعيش في رعب حقيقي، وقد تنهار نفسياً بشكل كلي.
كيف يحدث الابتزاز؟
توضح الباحثة.. “تبدأ القصة غالباً برسالة عادية، أو تعارف بريء، أو حتى عبر حساب وهمي يدعي الصداقة أو الإعجاب شيئاً فشيئاً، تبدأ طلبات الحصول على صور، مقاطع فيديو، أو معلومات شخصية.. وحينما تصبح هذه المواد في حوزة المبتز، يبدأ التهديد: “سأقوم بنشر صوركِ إذا لم تنفذي ما أطلبه منكِ”، سواء كان طلبه مالياً، أو يتعلق بمطالب شخصية، أو حتى ذات طبيعة جنسية.
أين تكمن الخطورة؟
الخطورة- حسب رأي الباحثة الموسى، تكمن في أن الضحية غالباً ما تكون وحيدة، تخشى الحديث إلى أهلها أو الشرطة، خوفاً من الفضيحة ومن نظرة الناس، خاصة في مجتمعنا الذي يميل إلى الحكم على الفتاة أكثر من الشاب، أي بدلاً من الوقوف بجانب الضحية وتقديم الدعم لها، نجد من يلومها! وهنا يتمادى المبتز أكثر، لأن الضحية صامتة، والمجتمع صامت كذلك.
الذكاء الاصطناعي يدخل على الخط
وبهذا السياق قالت الباحثة: “اليوم، حتى لو لم ترسل أنت شيئاً بنفسك، فمن الممكن اختراع صور أو مقاطع فيديو مزيفة باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي (مثل تقنية التزييف العميق-).. أي يمكنهم إنشاء مقطع فيديو يبدو وكأنك فيه، بينما لا علاقة لك به على الإطلاق، وهنا يصبح الرعب مضاعفاً، لأنه حتى الحقيقة لم تعد تجدي نفعاً في إثبات البراءة!.
وعزت الباحثة ازدياد الابتزاز إلى ضعف الوعي، خصوصا بين الشباب، والذي يعزى بدوره إلى مجموعة من الأسباب منها، أن القوانين ما زالت ضعيفة أو لا تطبق بفعالية..، ولأن الناس تخشى الحديث وتقديم الشكاوى، وهناك منصات تتاجر بالمحتوى المسروق.
والسؤال ما الحل..؟
تؤكد الباحثة الموسى أن الحل ليس مجرد قانون، بل يجب أن نبدأ من المدارس والجامعات ونعلّم أبناءنا عن أهمية الخصوصية والحماية الرقمية، يجب أن يكون لدينا دعم نفسي للضحايا، وأن يشعروا بالأمان ليرووا قصصهم من دون خجل، بمعنى يجب أن نقف مع الضحية، لا أن نلومها.
وأضافت: الابتزاز الرقمي لم يعد أمراً نادراً، لقد أصبح جريمة منتشرة، ويمسّ الجميع، وإذا لم نواجهها بوعي، وشجاعة، وتطبيق صارم للقانون، فستبقى تفتك بالمجتمع في صمت.
إذا عرفتَ/عرفتِ أحداً تعرض للابتزاز، فلا تسكت/تسكتي! أبلغوا الجهات المختصة، وتحدثوا.. لأن السكوت هو الذي يقوي المبتز.