الثورة – زهور رمضان:
المرأة الناجحة هي التي تتحدى الصعاب.. وتصنع لنفسها مكانة مميزة في الحياة سواء أكانت في مجال عملها أم أسرتها أم مجتمعها، وهي التي تحافظ على عزة نفسها وتمتلك عزيمة وإصرار وقوة وذكاء، يمكنها من تحقيق أهدافها في الحياة.
إنها تصنع السعادة لنفسها ولأسرتها ولا تنتظر مساعدة أحد لطالما اعتادت على تحدي الظروف القاسية وبقيت صامدة طوال الوقت، لم تنتظر التقييم والشكر من أي شخص فربما توصف بأقوى كائن على وجه الأرض لأنها أجادت دورها بامتياز في كافة مجالات الحياة وتفوقت على جميع الأصعدة مما جعلها تتمكن من صنع المستحيل.
وما يحضرنا اليوم هو المرأة الريفية التي عملت في أصعب الظروف الاقتصادية وواجهت أقسى التحديات في الحياة، واظبت على العمل منذ ساعات الصباح الباكر وتمكنت من الموازنة بين واجباتها كأم وواحباتها كسيدة تعمل لمساعدة زوجها في سد مصاريف المنزل من طعام وشراب وحاجات أساسية.فمن المعلوم للجميع أن المرأة في الريف تعاني من انخفاض المستوى الاقتصادي والاعتماد على العمل غير الرسمي- أي اقتصاد الظل، وضعف البنية التحتية ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية بالإضافة أحيانا إلى العنف الذي قد تواجهه في حالة رفض الزوج لعملها خارج المنزل.
تأمين المصروف للأسرة
تعمل المرأة الريفية بغية توفير ما أمكن من المادة لتأمين مستلزمات المعيشة اليومية لأسرتها، إذ أصبحت معيلاً أساسياً في المنزل، لذلك اختارت لنفسها بعض الأعمال التي يمكنها القيام بها لتأمين وسائل المعيشة المقبولة بحسب قدراتها وإمكاناتها.وفي هذا السياق أكدت لنا السيدة ميادة اسماعيل، كيف أنها تنتظر بفارغ الصبر موسم الملوخية لتقوم بهذا العمل، فبعض النساء تعمل في زراعتها وحصادها بينما البعض الآخر يعمل بقطافها وتجفيفها، منوهة بأن يداها “تخشبتا” كما يقال من كثرة العمل فأصبحت جافة وخشنة كونها تعمل لساعات طويلة في ورشات زراعية لمدة أربع ساعات لتعود بعدها لإكمال مهمتها في قطاف أوراق الملوخية الخضراء وتجفيفها في غرف خاصة حتى تجف تماماً، إذ تقوم بتعبئتها في أكياس للمؤونة ونقوم ببيعها بأسعار مناسبة تساعدنا في تأمين احتياجات المنزل.
فيما بينت لنا السيدة ليلى راشد أنها اعتادت منذ سنوات طويلة على صنع منتج دبس الرمان الذي يبدأ العمل به خلال الفترة القادمة بعد نضج ثمار الرمان التي يقومون بقطفها وفرطها ثم عصرها حتى تصبح سائلاً خالياً من أي شوائب، فتقوم بعدها بغليها على النار لساعات مطولة تحت المراقبة الدائمة مع التحريك المستمر بين فترة وأخرى، حتى تأخذ لوناً خاصاً ورائحة خاصة، وتصبح سميكة فتترك حتى تبرد ثم تعبأ بمرطبانات زجاجية بأحجام مختلفة، تباع بأسعار مقبولة تمكنها من تأمين بعض المال اللازم لشراء الحاجات الأساسية للأولاد.
بينما كانت المتعة أكبر عندما حدثتنا السيدة أم أحمد بفخر عن تجربتها في صنع تين الهبول المجفف الذي لا يكاد بيت في مصياف يخلو منه، باعتباره أكلة متوارثة عن الأجداد القدامى وحلوى للبيت يجب أن لا تنقطع صيفاً أو شتاء.
وأضافت عن هذه المهنة الرائعة: إنها تعلمتها من أمها، وكانوا يعتمدون على ما تجود به الأرض من أصناف التين المتنوعة كالأحمر والسماقي وغيره من الأنواع وعندما تنضج ثماره، ينقى منه الجيد ليتم نشره على أسطحة المنازل نحو عشرين يوماً تكون فيه معرضة لأشعة الشمس حتى تجف تماماً، ثم يتم تجميعها في وعاء معدني مثقوب (غربال) وبعدها يوضع في وعاء معدني آخر يحتوي على الماء يكون موضوعاً على النار تنزل فيه ثمار التين المجفف حتى تطهى على النار بشكل كامل، فيتم فرزها إلى قسمين قسم يضاف إليه السكر بحسب الرغبة، وقسم آخر يعجن ويقطع بحجم قبضة اليد ليزين بالمكسرات كالجوز واللوز التي تجعله أكثر لذة وفائدة.
وأضافت أم أحمد: إنها رغم الشقاء والتعب فهي فخورة باعتمادها على نفسها وعدم حاجتها أن تمد يدها للآخرين فالحياة الريفية ممتعة على الرغم من التعب والجهد، يزينها التعاون والمحبة بين الجميع والذكريات الجميلة والهادئة ذات الوقع الخاص في القلوب.
صنع الحلويات المنزلية
أما السيدة ريم سليمان التي تعيش في عائلة مكونة من ستة أشخاص، وهم بحاجة إلى مصاريف كثيرة خاصة مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد، فمن المعلوم أن الطالب يحتاج إلى لوازم مدرسية من قرطاسية ولباس، ما يشكل عبئاً كبيراً على العائلة، لذلك بدأت في صنع الحلويات بمختلف أشكالها في المنزل ليتم بيعها في المحلات التجارية بأسعار مناسبة تساعدها في التخفيف من الأعباء المترتبة على زوجها.
من هنا نجد أن المرأة الريفية في جميع المحافظات واجهت الكثير من الصعوبات لتساعد أسرتها في تأمين الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب، فعملت في مجالات مختلفة متحدية الظروف المادية القاسية، لذلك نرجو أن يتم التخفيف من هذه التحديات وفتح المجال أمامها لتحسين عملها من خلال خلق قنوات تواصل مباشر بين النساء المنتجات في الريف وبين المستهلك، وخلق روح التنافس بينهن من حيث جودة المنتج، ما يساعد في تحويل عملها من المنزل إلى ورشة تصنيع كاملة تجد فيها منتجاتها ضمن أسواق البيع بالشكل الذي تستحقه.