الثورة- منهل إبراهيم:
يتجه الاحتلال الإسرائيلي نحو إبادة الفلسطينيين في غزة، وفق العديد من الصحف الغربية والمحللين والباحثين في الشؤون العسكرية والإنسانية، ومنهم الباحث في شؤون الإبادة الجماعية بجامعة براون، عومير بارتوف، الذي أكد وجود أدلة على ارتكاب جيش الاحتلال جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، في هجومه المتواصل على قطاع غزة.
وأضاف بارتوف في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” بعنوان “أنا باحث في الإبادة الجماعية وأعرفها عندما أراها”، أنه “بحلول أيار 2024، أمرت القوات الإسرائيلية حوالي مليون فلسطيني كانوا يحتمون في رفح، أقصى جنوب القطاع وآخر مدينة سليمة نسبيا فيه، بالانتقال إلى منطقة المواصي القريبة من البحر، حيث كان هناك القليل من المأوى أو لا يوجد مأوى على الإطلاق، ثم شرع الجيش الإسرائيلي في تدمير جزء كبير من رفح”.
وأكد أنه “عند هذه النقطة، بدا أنه من المستحيل إنكار أن نمط عمليات الجيش الإسرائيلي كان متساوقاً مع التصريحات التي تشير إلى نية الإبادة الجماعية التي أدلى بها القادة الإسرائيليون في الأيام التي أعقبت هجوم حماس”.
ودعا نتنياهو مواطني القطاع إلى تذكر “ما فعله العماليق”، في إشارة إلى نص توراتي يطلب من الإسرائيليين “قتل الرجال والنساء والأطفال والرضع”، من أبناء أعدائهم القدماء.
وأصدر مسؤولو حكومة الاحتلال تصريحات بأنهم يقاتلون “حيوانات بشرية”، ودعوا لاحقاً إلى “الإبادة الكاملة”، بينما قال نيسيم فاتوري، نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي: “إن مهمة إسرائيل يجب أن تكون محو قطاع غزة من على وجه الأرض”.
وعلق بارتوف بأنه لا يمكن فهم تصرفات “إسرائيل” إلا على أنها تنفيذ للنية المعلنة لجعل قطاع غزة غير صالح للسكن لأهله الفلسطينيين، قائلاً: “أعتقد أن الهدف كان ولا يزال حتى اليوم إجبار السكان على مغادرة القطاع تماماً، و بالنظر إلى أنه ليس لديهم مكان يذهبون إليه، إضعاف القطاع من خلال القصف والحرمان الشديد من الطعام والمياه النظيفة والصرف الصحي والمساعدات الطبية لدرجة أنه من المستحيل على الفلسطينيين في غزة الحفاظ على وجودهم أو إعادة بناء وجودهم كجماعة”.
بارتوف أكد أن النتيجة الحتمية باتت هي أن “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وهي نتيجة قاومتها بشدة نظراً لنشأته في عائلة صهيونية وخدمته في جيش الاحتلال وتكريس حياته المهنية في البحث في “الهولوكوست” وكل ما يتعلق بالإبادة الجماعية، وقال: “أدرس الموضوع منذ قرن، وأستطيع معرفتها (الإبادة) عندما أراها”، وهذا ليس فقط استنتاجه، بل وعدد من الخبراء في الإبادة الجماعية والقانون الدولي، وهي أن أفعال “إسرائيل” في غزة لا يمكن وصفها إلا بالإبادة الجماعية.
وهو ما وصفته فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الضفة الغربية وغزة، ومنظمة العفو الدولية “أمنستي”، فيما تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى إبادة جماعية ضد “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية.
وقال الكاتب: “هذا تهديد لأسس النظام الأخلاقي الذي نعتمد عليه جميعاً، وتعريف الأمم المتحدة في ميثاقها عن الإبادة الجماعية الصادر عام 1948 بأنه “نية لتدمير، كلياً أو جزئياً جماعة وطنية أو أثنية أو عرقية أو دينية، وعلينا والحالة إثبات النية وإثبات تنفيذها”.
وأشار بارتوف في المقال بصحيفة “نيويورك تايمز” إلى تحقيق نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية قدرت فيه عدد المباني المدمرة أو المتضررة بنحو 174,000 مبنى، وهو ما يمثل نسبة 70 بالمئة من إجمالي المباني في القطاع.
وحتى الآن، استشهد أكثر من 58,000 شخص، وفقاً للسلطات الصحية في غزة، من بينهم أكثر من 17,000 طفل والذين يشكلون ما يقرب من ثلث إجمالي عدد الشهداء.
وكان أكثر من 870 طفلاً من هؤلاء الأطفال دون سن عام واحد، وقالت الصحة الفلسطينية: إن أكثر من 2,000 عائلة قد أبيدت بالكامل، بالإضافة إلى ذلك، لم يتبقَ سوى ناجٍ واحد لدى 5,600 عائلة، وهنالك ما لا يقل عن 10,000 شخص ما زالوا مدفونين تحت أنقاض منازلهم، كما جرح وشوه أكثر من 138,000 شخص.
وأصبحت غزة الآن وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” أكثر المناطق تضرراً من حيث عدد الأطفال مبتوري الأطراف في العالم، كما يقتل العديد من سكان غزة في محاولة يائسة للحصول على الطعام، وسط تفاقم أزمة المجاعة في القطاع.