الثورة- فؤاد مسعد:
استطاعت مجموعة من الأفلام توثيق الحراك النضالي ضدّ المستعمر الفرنسي، ومن أهم الأعمال التي حفرت في الذاكرة وتناولت تلك المرحلة التاريخية بكثير من الدقة في سعي لتسليط الضوء على الحقائق، سلسلة «مذكرات وطن» إخراج أمين البني, أنجز المخرج أمين البني المجموعتين الأولى والثانية من سلسلة (مذكرات وطن)، وهو العمل الوثائقي المهم الذي قدمه التلفزيون العربي السوري وجُمعت له الوثائق الفلمية والفوتوغرافية لتاريخ المنطقة العربية بشكل عام وتاريخ سورية المعاصر بشكل خاص من مراكز الأرشيف التوثيقي في أوروبا.
حيث قدم في الحلقتين الخامسة والسادسة من المجموعة الأولى «أخرجها عام 1987» وثائق من عام 1918 وحتى منتصف القرن العشرين، وضمت تفاصيل أشمل وأكثر غنى عن مرحلة الانتداب الفرنسي والاستقلال، ونضال الشعب وإصراره على وحدة الوطن رغم محاولات الاحتلال للتقسيم، متناولاً ثورات صالح العلي وابراهيم هنانو والإضراب الشعبي الكبير عام 1936 وجلاء المستعمر.
أما في الحلقة الأول من المجموعة الثانية «أخرجها عام 2010» فقد استعرض فيها مراحل الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان ونضال الحركات الوطنية العربية في سورية وبلدان المشرق العربي ضدّ الاستعمار والانتداب والمعاهدات المجحفة التي فرضت عليها، والتي تنتهي بانتهاء الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان واستقلالهما.
وتم الاعتماد على الأناشيد الوطنية السورية والعربية الشهيرة في القرن العشرين التي كانت سائدة في كل مرحلة من النضال العربي ضدّ الانتداب والاستعمار والصهيونية، وتم البحث عنها وعن تسلسل تاريخها وأدرجت في موقعها وتاريخها المحدد بحيث وظِّفت بالطريقة المناسبة، وقد لعبت دوراً تعبيرياً مهماً في السلسلة الوثائقية، وتعتبر تراثاً موسيقياً قومياً مهماً.
وسبق للمخرج أمين البني إخراج فيلم وثائقي بعنوان «طريق الجلاء» كتب له السيناريو بالتعاون مع المخرج علاء الدين كوكش، من إنتاج التلفزيون السوري 1976، ويعتبر المحاولة السينمائية الأولى لتوثيق تاريخ سورية النضالي خلال النصف الأول من القرن العشرين بدقة منذ نهاية الحكم العثماني وحتى الاستقلال، وقام خلاله بتوثيق أكاديمي وطني دقيق لمختلف محطات تاريخ سورية خلال النصف الأول من القرن العشرين، وجمع الصور والوثائق المتوفرة في سورية والمتاحف والكتب التاريخية، ومن أهم ميزات الفيلم توثيقه للأهازيج والأناشيد الوطنية في مختلف المحافظات السورية إبّان فترة الانتداب.
