الثورة – علاء الدين محمد:
“نون أيار” مجموعة شعرية للشاعرة “نسرين بدور”، فيها جماليات بوحها, ودفء مشاعرها وصخب انفعالاتها، بأسلوب سردي شيق، تمعن في سرد حكاية حبها بشيء من التفصيل المثير، والأقرب إلى لوحة فنية جدارية ضمنتها إيقاعات لونية متعددة، فيها حركة وموسيقا وعذوبة.
وضمن إطارها جمعت بين نسيج عائلتها الكبيرة والصغيرة، تقول:
(أيها الأحبة كل عام وانتم عيدي السعيد..
كل عيد وحبي نبض قلبي..
كل عيد وأمي موطني.. وابنتي جنة حياتي..
كل عيد وأبي وإخوتي أغلى من روحي..
فهذا العمر كبير بكم..
بيوم مولدي وعلى الدوام..
عسى أن يحمل العمر فرح الدنيا وفرحها وعزها..
فسلام الله على الساعة الأولى والخامسة
لحين قدوم الساعة الأخيرة سأبقى نون أيار)
يبدو أن عنوان المجموعة له من الخصوصية ما له، فالنون هو أنا الكاتبة، وأيار فهو تاريخ ولادتها وميلاد حبها وتعرفها على الحبيب، والشهر أيضاً هو الزوج الذي جلبب روحها وعقلها حباً وهياماً حتى حولته إلى هذه الرمزية، فتطلق العنان لنداءات روحها وتقول:
(عصف بي هواك شوقاً وطار حظي مع الورق
بعض مني بقي معي ومعك الباقي احترق
فهل تلام عاشقة تأوهت حبا وهي تحترق؟
وتقابلني بقلب نابض بالنور
يضيء قلبي بسراج اللقاء).
لو لم يكن له هذه المكانة في وجدانها لما كان لديها كل هذا الدفق الوجداني العاطفي.
وأيضاً ضمنت جداريتها براعم الطفولة وسكبت من روحها أعذب الألحان وأشجاها، إنها الأم الشاعرة التي تشعل خلجات روحها في الأماكن المظلمة وتنيرها بمصابيح حبها المضيئة، تقول:
( كلمات شاهدت وسمعت بمسرات
سرت بسرور على طريق النحل
إلى أن شاء الكريم وأبت الأحلام
كان لي من كرم أيار الجنان
وجهان نورانيان لأجلهما تعيش النون
ليضيء النور هذا الصباح
أقطف من رحيق أنفاسكم العسل والأكسجين
فلتشهد أرواحكم الطيبة
خابية العسل لا تكسر مع حبي والأمل)
نلاحظ أن الشاعرة تؤسس لإنشاء حكاية عاطفية وجدانية تشكلها عبر أحاسيسها ومشاعرها في لوحة لها أبعادها الحاضرة والمستقبلية، واقعية، جمالية، متخيلة.. لكن الشاعرة المحبة والعاشقة والشغوفة هي طرفها الأساس، تقول:
(يفيض حبي ويطول جريانه
كنهر يروي ضفتيه إلى صديقه البحر
لم يصب بالدوار من يقترب للنظر
أم هو تأثير الحالة الساحرة
فنحن في حضرة الحب ومن على بابه
يمتاز قلبه بالنبض الصادق
وتخفق روحه كعصافير الفضاء)
استعملت الشاعرة بعض التضمينات من وحي القران الكريمة بمنتهى الذكاء تقول: (لو كان الحب كن فيكون كفعل الأمر الساحر)
من يقرأ المجموعة الشعرية يشعر أنها أقرب إلى الأسلوب الخبري والتوثيقي لعائلة متماسكة متحابة، طافحة بالصور والمشاهد الحياتية المعاشة التي تعبر عن الحالات الشعورية، فيتجلى الجمال وتتعدد الدلالات حيث تزهو النفس وتفتح لها مجالا للأمل والخيال والحلم.
صدرت المجموعة الشعرية عن دار دلمون الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع.. صممت الغلاف فيفيان الصايغ.