بعد أن هدأت الهمروجة التي صاحبت الإعلان عن افتتاح نفق المواساة بكل إيجابياتها وسلبياتها سمحت لي دقائق قليلة المرور ضمن النفق والساحة فوقه الانطلاق بعيداً في المخيلة والآمال لخلق صور عديدة عن انتشار مثل هذا الإنجاز مهما اختلفت الآراء حوله كبيراً أو صغيراً في مناطق عديدة في العاصمة “وحتى في المحافظات” لنصل لشوارع وأنفاق وساحات وحدائق جميلة ومنظمة تعكس حضارة ومكانة مدينة عريقة كدمشق تستحق كل الاهتمام وقيمة اليد العاملة السورية المبدعة والخلاقة.
نعم يطرح الكثير منا عشرات التساؤلات عن مبرر وصول مستوى الخدمات لمراحل متدنية في مختلف المحافظات، ونخص بالذكر دمشق العاصمة لكونها تواجه حالة غير مسبوقة من التلوث البصري والضجيج والهواء وشوارع بمواقع مهمة بالمدينة ملأى بالحفر وحدائق تغيب عنها العناية حتى الحديقة الأهم فيها وهي حديقة تشرين بدأت تكتسحها المقاهي والمطاعم على حساب المساحة الخضراء ناهيك عن المخالفات والتعديات والإشغالات غير النظامية التي أثرت بشكل سلبي في المدينة حتى وصلنا لمرحلة يعجز فيها المواطن أو بات يحلم بالسير على رصيف جراء تعدي البسطات وأصحاب المحال عليها، ومع كل هذا المشهد غير السار في دمشق كانت خطوات المعالجة قاصرة وغير مجدية للحد من كل تلك السلبيات لذلك ترى حالة من النفور والانتقاد عند أغلبية من يسكن المدينة وكل من تجبره ظروفه على المرور فيها.
ما يمكن أن ينجز في مدينة دمشق على تحسين واقعها الحالي والعمل على إحداث نقلة نوعية فيها أمر ممكن ومتاح للجهات المعنية، ولا يمكن أبداً تبرير أي تقصير بعد الآن وخاصة أن المحافظة ترتكز على وضع مادي جيد يمكنها من تنفيذ مشاريع مماثلة لنفق المواساة وربما بشكل أفضل وحضاري أكثر يليق بدمشق ويستحقه سكانها وكل زائر لها، ومع إمكانية تكامل جهودها ووضعها المادي مع جهات أخرى أهلية يصبح تعميم تلك المشاريع في مختلف المواقع أمرأ سهلاً، ويدعم كل ذلك وجود قوة عاملة وطنية مختلفة الاختصاصات قادرة على ترجمة الأفكار والخطط إنجازاً وإبداعاً على الأرض.