الثورة _ غصون سليمان:
اليد المنتجة هي العليا في قاموس العمل وثقافة المجتمع، لأنها الأمينة على وصل الجسور المتقطعة وإعلاء البنيان المتهدم والناشئ، إنها متلازمة عمال سورية السباقين في كل مراحل البناء والنهوض والعمران، بسواعدهم القوية وعقولهم المبدعة وحضورهم الفاعل كانت خطط الإنجاز تطول كل ركن وزاوية في جغرافيا الوطن، لتغدو عملية التنمية لوحة مكتملة الملامح على المستويات جميعها في عمر الزمن السوري بكل تجلياته.
عمالنا وبعد أن خبروا معارك الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وليس آخرها الحرب العدوانية المدمرة، كانوا الأقوى إلى جانب جيشهم وأبناء مجتمعهم، فقد أعادوا لهدير المعامل وخطوط الإنتاج لحنها المعتاد على مرمى ساحات الوطن، وبرغم قساوة الظروف ما فتئت السواعد الخيرة تعزف نشيد البقاء وتخيط من شرايين أجسادها ما يعطرون دروب الحياة الكريمة، كيف لا وهم غاية البأس وقوة الإرادة، وعيون المستقبل المتجدد.
لقد سجل عمال سورية وعاملاتها في عهدة الوطن أسمى العطاءات، ومنحوا الحياة وسام العمل، كنزوا في القلوب نبضات حب وصاغوا على الجباه لآلئ من عرق.. إنهم عمال سورية أبناء الأرض والشمس.. رسموا الحدائق بألوان الكبرياء، وزينوا سوار العزة والكرامة إلى جانب الجيش العربي السوري فكان الجيش الإنتاجي الشقيق في الميدان بكل ما للكلمة من معنى وتأثير..
لم يكن عيد العمال العالمي مقتصراً على الأول من أيار كل عام بالنسبة لعمال وعاملات سورية، لطالما كانوا العلامة الفارقة في مواجهة التحديات، ويظفرون بالنصيب الأكبر من التضحيات التي أينعت بفضل كل ذرة تعب وعرق ونقطة دم طاهرة، حقولاً من أمان ومدارج من كرامة لا يخبو عزها مهما تفنن الأعداء وداعموهم، وهم يحاولون خطف لغة الصمود والإصرار وشغف البقاء من عيون وسواعد هؤلاء الذين أثبتوا أنهم اليد المنتجة في كل زمان ومكان، والقادرة على بتر الخراب تحت الأرض وفوقها.. فهم جاؤوا من جذور الأرض وصميم الألم وما بخلوا بالضحايا والعطاء الأكرم منذ تأسيس أول نقابة لهم ولغاية اليوم.
فكل عام والطبقة العاملة السورية وتنظيمها النقابي وعمال بلدنا وجيشنا وقائدنا بألف خير.
التالي