الثورة _ منال السماك:
فيما مضى كانت تاء مربوطة، مقيدة ضمن صورة نمطية صنفتها كتابعة لمجتمع ذكوري، فكانت أسيرة “حرملك” مهمشة غير مشاركة ولا فاعلة في بنية مجتمعية قائمة على سواعد الرجال كجنس يقوى على العمل، بينما المرأة ذات الأيدي الناعمة، اقتصر دورها على العمل المنزلي كزوجة وأم ضمن جدران بيتها، إلا أن ذلك لم يدم لأن إرادة المرأة وعزيمتها كانت أكبر من ذاك الدور الهامشي، فما كان منها إلا أن كسرت القيود المجتمعية، وغادرت اللوحات النمطية والحرملك القاصر لتكون ضلعاً قادراً غير ناقص.
في ميادين العمل كلها أثبتت المرأة قدرتها وجدارتها، واكتشفت ذاتها وصقلت مواهبها التي كانت سابقاً مدفونة ضمن جدران المنازل، فأثبتت للعالم أنها تاء متحركة فاعلة ومؤثرة، قادرة على التكيف مع ظروف العمل الصعبة والقاسية، كما أنها ذات كفاءة عالية بالتغلب على أصعب التحديات والمصاعب، فنجحت في مسيرتها العملية، واستحقت لقب الكادحة والعاملة التي تساهم في بناء الوطن وازدهاره ونموه.
في عيد العمال لا نستطيع إغفال دور المرأة السورية العاملة في ميادين العمل كلها، خاصة في ظل الأزمة السورية التي عصفت بمجتمعنا، وزعزعت من استقرار الجانب الاقتصادي، فغزت المرأة السورية سوق العمل بقوة، لتكون رديفاً ومشاركاً للرجل، بل نستطيع القول إنها الآن العنصر الغالب في ساحات العمل، هذا إلى جانب دورها الأساسي كزوجة وأم ومديرة لأمور بيتها، فجمعت بين تلك الأدوار بكفاءة ونجاح.
في كل يوم تثبت المرأة السورية أنها مثال يحتذى لنموذج أنثوي تغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي عصفت بأغلب الأسر السورية، وأدركت أن يداً واحدة لا تصفق، فكانت عوناً لذاتها معتمدة على نفسها مستقلة مادياً، سواء بعملها ضمن مؤسسات أو بقطاعات خاصة أو بمشاريع صغيرة تديرها ضمن منزلها، كما أنها كانت داعماً لزوجها كمشاركة في مصروف عائلتها، سعياً منها لتحسين وضع معيشي أسري، في ظل ظروف اقتصادية لا ترحم المتكاسلات ولا المتراخيات عن السعي وراء لقمة العيش الحلال.
في كل ركن وزاوية وساحة.. في مؤسسات الدولة ومعاملها.. سنجد نساء عاملات يساهمن باقتدار في بناء المجتمع وتقدمه إلى جانب الرجل، إنهن نساء عاملات مشرفات يفخرن بأنفسهن لأنهن مساهمات وفاعلات ومؤثرات، فالزمن الصعب لا مكان فيه إلا لأصحاب الهمم والعزيمة والإرادة، وذوات البصمة المؤثرة في حماية أسرهن ودفع عجلة النمو والتقدم في مجتمعنا باتت واضحة.
وفي عيد العمال.. تحية لكل امرأة سورية كادحة، آثرت ألا يكون دورها في أسرتها ووطنها ثانوياً، وبوركت جهود نساء سوريات ينطلقن كل صباح إلى ميادين العمل بهمة وعزيمة لا تلين، يمسكن دفة منازلهن بيد، وباليد الأخرى يغزلن أروع قصص الكفاح في أماكن عملهن.
السابق