“المسرح” يرقص فنّاً وفكراً في يوم الرقص العالمي

الثورة – طرطوس – لجينة سلامة:

في دعوة عامة لحضور احتفائية يوم الرقص العالمي، كانت الفرصة جديرة بتوثيق ولادة الحياة من جديد رغم آلام مخاض حرب جاءت على البشر قبل الحجر.
دعوة عامة أراها كانت خاصة للتوغّل في خفايا مقدرة الإنسان على النهوض مجدداً أياً يكن الواقع مؤلماً، النهوض بالاستناد إلى جذور منتعشة بالعطاء لا تعطش ولا تبخل.. الجذور هي امتداد لحياة أرادوها ظلاماً لأجيال فكانت مباهج للوجود بألوانه المختلفة والمتعددة.
بالأمس رقص المسرح وطناً وغربة، شجوناً وحباً، نغماً وطرباً، فرحاً وحزناً وضمّ همة المشاركين من شباب وشابات تعلو وجوههم الغضّة ابتسامة الحياة وهم في أزهى صورة يمتزج فيها عبق الأمس وجذوة الحاضر وأمل الغد.
احتفائية الأمس وثّقت تعطّش الحضور، الجماهير الذوّاقة لهكذا فن والتوّاقة لمتابعة فعاليات فنية راقية ترعى اهتمامات الشباب وتجسّد رغباتهم بأسلوب لا يعرف الابتذال والاسترخاص.

وبأسلوب ينسجم مع القيم الاجتماعية القديمة والمعاصرة وبما يتوافق مع متطلبات أبناء هذا الجيل الذي عرف الحرب سنيناً ولم يعرف السلام الحقيقي بعد. وقد يكون بحث عنه في فن الرقص الذي يغني ذائقته الفنية وحاجاته النفسية كما عبر عنها أغلب الراقصين المشاركين. وتحرّضهم على تقديم ما هو مختلف وجميل ويحترم المتلقي ويساهم في تشكيل ذاكرة للمدى البعيد لا تشوّهها حرب ولا متطفلين عابثين بذاكرة التاريخ.برعاية من وزارة الثقافة- مديرية المسارح والموسيقا واحتفاء بيوم الرقص العالمي وعلى خشبة مسرح طرطوس القومي قدمت فرقة “سلام للرقص المسرحي” و “ستوديو توازن” عرضاً مسرحياً راقصاً، استمتع به الحضور وتألق فيه المشاركون عبر لوحات فنية متنوعة من تراث سوري شعبي وفولكلوري وأخر أجنبي إضافة إلى لوحات من رقص الباليه.

حركة الجسد ومرونة الفكر الاجتماعي

مؤسس ومصمم ومدرب فرقة “سلام” هاني حسن وفي معرض إجابته عن الاحتفائية ومعانيها على مستواه الشخصي والمهني وصعوبات طبيعة العمل وتطلعاته للمشاركة خارج حدود المحافظة والوطن، يوضّح أن راقصي العالم ينتظرون هذا اليوم للاحتفاء به كمناسبة عزيزة وخاصة على قلوبهم جميعاً.
وأضاف: الرقص فن له أدواته وأجواؤه التي تميّزه عن باقي الفنون، ونعمل في الفرقة على أن يمتلك الراقص لياقة بدنية ومرونة لضرورة التحكم بحركات الجسد لتصبح طيّعة مع الوقت والتدريب، ونعمل قبل ذلك على كاريزما الوجه والروح أيضاً حتى لا يبدو الراقص وكأنه آلة تتحرك بلا إحساس على المسرح وهو الإحساس الذي يركّز عليه المدرب إلى جانب التفاصيل الأخرى الدقيقة والمتعلقة باللباس والأغاني واللوحات الراقصة والتي نوليها العناية إلى جانب الاهتمام بضخ الدماء الجديدة وصقل المواهب.
يقول هاني :”نلاحظ أن العديد من الشباب والشابات يتوقون للرقص والانضمام إلى الفرقة، لكن النظرة العامة من قبل المجتمع لهذا الفن وصعوبة إقناع الأهل برغبة أبنائهم وميولهم واهتماماتهم تخلق لدينا نحن والشباب صعوبات إضافية، فالمشكلة أننا نعمل طويلاً على إعداد راقص متمكّن من أدواته لا يلبث أن ينسحب بسبب الأهل والوضع المادي أو بحجة متابعة التحصيل الدراسي لتجتمع الأمور عند البعض من أعضاء الفرقة فيترك ساحة شغفه لظروف يعتبرها قاهرة تثنيه عن متابعة موهبته.
علماً أن عملنا في هذا المجال يفتح الباب واسعاً ومع امتلاك الموهبة والخبرة لتأمين دخل مادي يكفل متابعة الدراسة إن رغب ما لم يكن الأهل هم العائق الحقيقي ولا يريد أحد الاعتراف بذلك، ويحقق له أيضاً الاستقلال المادي”.
وفيما يتعلق بموضوع العمل للعرض خارج إطار المحافظة أشار هاني إلى أن هذا يعتمد على التسويق الذاتي لأعمال الفرقة ونوعيتها وتميزها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبالعمل دائماً على عدم التكرار وتجديد روح العمل الجماعية. بالإضافة إلى الدعم من الجهات المعنية بالشأن الثقافي والفني الذي نعمل ضمن مجاله.
من أجل هويتنا الثقافية
مدير “ستوديو تزازن للرقص” الآنسة براءة صالح تأخذك إلى عالم آخر في هذا الفن، يكون فيه الجسد عجينة طيّعة الحالة المراد إيصالها بإيقاع موسيقي ينطق به جسد الراقص حركة معبّرة بإحساس عميق يصلك بصدق.

تقول  الآنسة براءة: “عملنا أنا وأخي عيسى صالح على تأسيس “ستديو توازن للرقص” منذ عام 2016 بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم الرقص.
بالإضافة لعملنا مع فرقة “إنانا العالمية” ما يقارب العشر سنوات.
وعن إحياء الحفل بمناسبة يوم الرقص العالمي فتذكر أنه  أمر يعني لها الكثير  كراقصة في المرتبة الأولى متواجدة على المسرح إلى الآن وهي في عمر39 عاماً، لأن الجسد الراقص برأيها لا يحدد بعمر كما تعنيها، في المرتبة الثانية مشاركة الجمهور لهذا النوع من الرقص المعاصر  وهو أمر له أهميته ودلالاته.
نحن في (ستديو توازن)- توضّح براءة :”نعلّم كل من يرغب في تعلّم فن الرقص وأنواعه المعتمدين عليها وهو رقص (الباليه) لما له من  أهمية في تكوين الجسد الراقص، بالإضافة للرقص المعاصر ، ولدينا صفوف من عمر ال4 سنوات إلى  40 سنة.. والرقص بالنسبة لنا ليس مجرد عمل ترفيهي، لأن هوية البلد وثقافته تعتمد على الرقص والمسرح  بدءاً بالشعبي وصولاً  إلى وقتنا الحالي.”
وتركّز على أنه  من أهداف العمل في “ستوديو توازن” العمل في طرطوس الأم، والعمل مع الطلاب لتحقيق حلمهم في متابعة الدراسة الأكاديمية، وإلى الآن يوجد في المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم الرقص 8 طلاب “شباب وشابات” من طرطوس بعد أن كان أخي عيسى صالح  الخريج الوحيد على مدار عدة سنوات منصرمة.
وعن صعوبات العمل الفني الراقص تؤكد- وبعد خبرة 20 عاماً  في هذا المجال، أنه لا يوجد لديها أي صعوبة في ممارسة عملها كراقصة ومدربة رقص. ولكن الصعوبة هي في تقبّل أهالي الطلاب الراغبين في تعلّم الرقص، إن كان الذكور أوالإناث، وأن يختاروا هذه المهنة لممارستها. وهاهي أليسا عبيدين وتالا صبح طالبات صف حادي عشر وصف عاشر.
فقد تواجدت إليسا بصفوف “توازن” من عمر الست سنوات إلى الآن، ولها عدة مشاركات معنا على المسرح، وكذلك تالا تمارس الجمباز من صغرها أيضاً ومؤخراً رغبت في تعلم الباليه وانتسبت لصفوف الاستديو ”
وتضيف: “اخترنا أنا وأخي عدم السفر للخارج في هذه الظروف، وأثمر هذا التواجد في إيجاد تنوع جديد في المدينة.
ونأمل أن يهتم الجيل الجديد بالنشاط البدني الهادف، والابتعاد أو التخفيف من التكنولوجيا والهواتف الذكية المسيطرة بشكل سريع وسلبي على الجسد والعقل،  خاصة مع  سوء استخدامها.
ولفتت إلى عملها بشكل مستمر في  البحث عن الهوية السورية في الرقص وخصوصيتها، وتدعو إلى أن يعم الرقص كل أرجاء البلاد.
ثالوث الجمال الفني
بماذا تفسر مديرة  قومي طرطوس غادة عيسى التفاعل المباشر والملفت من قبل  الحضور مع اللوحات التي قدمت  في هذه الاحتفالية تقول: “كان يوم الرقص العالمي مناسبة لاستعراض راقص على خشبة المسرح القومي لرقصات متنوعة، ليس فقط للفرق المشاركة وإنما لتحليق متابعي الرقصات في عالم فن حركة الجسد وتعبيرها، أعتقد أن الجميع قد حلّق كل حسب مقدرته على صنع جناحين من الخيال، رقصات تحكي قصصاً يفهمها كل منّا كما لو أنه يقرأ لوحة.
ثم رقصات تصل الخشبة لتصنع صوت انسجام بينها وبين أرجل الراقصين لتتمايل الأجساد في لحن يرتقي ليرسم بسمة.
الرقص لغة عالمية لا تحتاج لترجمة، يحق له أن يشكل ثالوثاً من الجمال الفني مع المسرح والموسيقا لينسكب في دوحة الغنى الجمالي.
فرقة “سلام” ومع “ستديو توازن” شكلا ثنائياً جمالياً استثنائياً، ولاحظت أن الجميع خرج معترفاً بقدرة الفن على نقلنا إلى عالم الجمال والمتعة.”
الرقص فن البوح الصامت         
لم أكن بحاجة لاستفسر عن رغبة المشاركين من راقصين وراقصات في تعلّم هذا الفن على أيدي ذوي خبرة، ذلك أن الأحاسيس المفعمة بالأفكار أحيانا والحالات أحياناً أخرى كانت كفيلة في صياغة جواب مختصر، وهو أن  الرقص الوسيلة للتعبير عن كل الحالات النفسية وأمزجتها من غضب وسلام ومن حب وضغينة ومن صعود ونزول.. إنه- أي الرقص، الرغبة في البوح من دون الحاجة للبوح كلامياً، إنه الحاجة للصراخ تعبيراً عن ظلم أو سعادة . إنه الوسيلة لقول مانريد بأسلوب فني يرقى إلى  طاقتي الروح والجسد.
لكني هنا وفي يوم الرقص العالمي ، لدي ملاحظة على وزارة الثقافة والتي تولي اهتمامها بكل الفنون، كيف تخصص مديرية للمسارح والموسيقا ولا تدمج معها الرقص، وهو فن قائم بذاته ولا يكتمل إلا على المسرح أساس العرض برفقة الموسيقا نبض الحركة.. هي ملاحظة غلّفتها بتساؤل أتمنى أن يكون له جواب.

آخر الأخبار
كهرباء ريف دمشق: صيانات وتركيب تجهيزات جديدة وحملات لإزالة التعديات    القبض على شبكة مخدرات وعصابة سرقة أموال وسيارات      استبدال خط "سادكوب" لتحسين ضخ المياه وتقليل الفاقد بحماة   "مكتب الاستدامة" تجربة رائدة في بناء قدرات الطلاب ودعم البحث العلمي  تكريم كوادر مستشفى الجولان   عودة ألف تاجر حلبي منذ التحرير ... "تجارة حلب": رفع العقوبات يعيد سوريا إلى الاقتصاد العالمي فعاليات من حلب لـ"الثورة": رفع العقوبات تحول جذري في الاقتصاد مجموعة ضخ أفقية لمشروع بيت الوادي في الدريكيش  رسالة للصين.. تايوان تختبر نظام  HIMARS الصاروخي الأمريكي لأول مرة   DW:  سوريا مستعدة لازدهار الاستثمار مع رفع العقوبات الأمريكية خبير مصرفي لـ"الثورة": تعافٍ اقتصادي شامل يوم السوريين الجميل...ترامب: ملتزمون بالوقوف إلى جانب سوريا.. الشرع: سنمضي بثقة نحو المستقبل  عصب الحياة في خطر ....  شبح العطش يهدد دمشق وريفها.. والمؤسسة تحذر..درويش لـ"الثورة": 550 ألف م3 حا... أساتذة وطلاب جامعات لـ"الثورة": رفع العقوبات انتصار لإرادة سوريا رحبت برفع العقوبات عن سوريا... القمة الخليجية الأمريكية: صفحة جديدة نحو النمو والازدهار الدكتور الشاهر لـ"الثورة": رفع العقوبات عن سوريا يعكس الثقة بالإدارة الجديدة رفع العقوبات.. الطريق إلى التعافي شركات خاصة لتوزيع الكهرباء..وزير الطاقة : الأمور نحو الأفضل و٦ ملايين م٣ غاز تركي يومياً   بعد رفع العقوبات.. خبراء ورجال أعمال لـ"الثورة": القادم أجمل  لبناء سوريا.. الوقوف صفاً واحداً ويداً... فلا خاسر مع القراءة ....  2694 طالباً وطالبة في تصفيات مبادرة تحدي القراءة العربي