لقد باتت تركيا على مفترق طرق بعد أن فشلت جميع ألاعيب أردوغان في المنطقة ولم تعد تجدي نفعا تقلباته التي كان يحاول أن يكون فيها الأساس في مشروع الشرق الأوسط الجديد رغم أنه كان اللاعب الأساسي في رقعة الشطرنج بدوره الاحترافي الذي وصفه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بلاعب شطرنج عالمي في السياسة, وأمثاله لا تحركهم إلا أياد خفية لينفذوا ما يطلب منهم , وهذا ما أشار إليه ويليام جارى كار- الضابط بالبحرية الكندية، تمت تصفيته وعائلته فى ظروف غامضة – وقام بتصوير الأرض على أنها مجرد رقعة شطرنج، تمتد أيدٍ خفية لتحرك ما عليها من قطع في صمت ومكر ودهاء ليصبح القادة، بل الشعوب، طوع بنانها، قاصدًا بهذه القوة الخفية حاخامات اليهود وجماعات الضغط التابعة لهم فى مختلف الدول، الذين يسعون إلى نشر الفساد ، وإنهاك الأمم، سواء بدفع عملائهم إلى سدة الحكم، أو بنصب أفخاخ لكبار الساسة كي يقعوا فى الفساد ، وبالتالي يسهل على هؤلاء المخفيين ابتزازهم، ومن ثَمَّ تسييرهم كيفما شاؤوا، أو عبر إثارة الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لترهق الدول بالديون والاضطراب والفوضى.
وهذا هو حال أردوغان الذي يعد عميلاً ولاعباً أساسياً في رقعة الشطرنج , وهذا ما أكده رئيس اتحاد الشباب التركي الكير يوجيل بأن أردوغان هو عميل لأمريكا ويعمل على تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، ووصفه بممثل “الدقيقة الواحدة”، في إشارة إلى موقف اردوغان في مؤتمر دافوس الاقتصادي عندما تصادم مع رئيس الكيان المحتل شيمون بيريز , وهذا الموقف لم يكن الهدف منه إلا لزيادة شعبيته ليس في تركيا وحسب وإنما في العالم الإسلامي لتتضح هذه الصورة بالفعل فيما سمي بالربيع العربي, ولكن هذا اللاعب على رقعة الشطرنج يريد العودة إلى تلك الفترة كي يمسك الأوراق بيده مجددا ليكون اللاعب الاساسي وبتكليف من أسياده , فكان قراره اللافت بوقف التجارة مع “إسرائيل” وعمليا القرار (لا يطبق الآن لأن البضائع التركية ترسل إلى موانئ ومطارات أخرى ومنها إلى حيفا) وأيضا له علاقة بنقل قيادات المقاومة إلى تركيا ومنح أردوغان فرصة العودة بقوة إلى المنطقة سياسيا بعد أن اخترقها عسكريا وأمنيا خلال سنوات ما يسمى الربيع العربي.
السؤال المطروح هو لماذا تأخر أردوغان باتخاذ هذا القرار؟ وهل كان القرار بيده؟ أم أنه ينتظر السماح له لإطلاق هذا التصريح خاصة لأسباب يريدها اللاعب الأساسي على رقعة الشطرنج وهو سيده الأمريكي رغم أن الفلسطينيين في قطاع غزة يعانون الجوع والفقر ويتعرضون لأبشع المجازر على يد الصهاينة ولم يتخذ أي قرار لفك الحصار عنهم رغم أنه يستطيع لقوة بلاده ليس في المنطقة بل هي تعد ثاني أكبر قوة في حلف الناتو بعد الولايات المتحدة ويستطيع إرباك واشنطن وتل أبيب , ولكنه لا يجرؤ على اتخاذ مثل هذا القرار ليقينه بأن الأمريكيين واللوبي اليهودي يمكنهم إسقاطه بسرعة, وهذا يعني أن أردوغان لم يتخذ القرار بعيدا عن سيده لأنه ليس سوى حجر شطرنج بيد اللاعب الأكبر واشنطن.
لقد تعودنا على تصريحاته المتناقضة منذ أن وصل الى الحكم عام 2002 وإلى الآن وأي قرار يتخذه له أبعاده كقراره الأخير قطع العلاقات التجارية مع “اسرائيل” والذي لم ينفذ , له أبعاده الداخلية أيضا بعد تراجع شعبيته وخسارة حزبه في الانتخابات البلدية الأخيرة , لهذا أراد من وراء هذا القرار وتصريحاته التصعيدية ضد “إسرائيل” ليزيد ليس من شعبيته وحسب , وإنما ليراقب إلى أي مدى تريده واشنطن من جراء ما تخطط له في قطاع غزة خاصة وأن تسريبات تؤكد بأن واشنطن تسعى لترحيل الفلسطينيين عبر الميناء الذي تقيمه على ساحل غزة , وما يؤكد هذه الحالة هو سيطرة “إسرائيل” على معبر ومنعت الدخول والخروج منه , وبالتالي لم يبق أمام الفلسطينيين إلا الميناء , والسؤال الهام هو هل بالفعل قرار أردوغان هو من أجل الفلسطينيين؟.
بالتأكيد ليس من أجل الفلسطينيين وإنما لمصلحته وليعيد ثقة سيده به وفق ما كان يخطط لمشروع شرق أوسط جديد….هذا الأسلوب الأردوغاني لا يكون إلا من خلال لاعب ماهر على رقعة الشطرنج الذي يوصف به عادة رجال السياسة الذين يعرفون كيف يحركون أحجار الشطرنج , ولكن أردوغان لم يعد ذاك الشخص الموثوق لا إقليميا ولا حتى دوليا بما فيهم سيده الأمريكي الذي يختبره الآن , ليعيد الزخم السابق , ولكن كل محاولاته باءت بالفشل على كافة المستويات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية, لأن الظروف الحالية تختلف عما كان فيه الوضع عام ٢٠١١ ولم يعد يمتلك تلك القوة وهو يريد استخدام مهاراته على رقعة الشطرنج, خاصة وأن سياسة أردوغان الغامضة والتي باتت مكشوفة فهو شخص طائفي مذهبي فتنوي، ويعمل لتحقيق مصالحه, وتصرفاته واضحة بالعمل على تفتيت المنطقة العربية والإسلامية وتنصيب نفسه زعيماً من أجل بناء إمبراطوريته العثمانية كي تصبح بلاده قوة إقليمية كبرى في المنطقة توازي القوة الإيرانية، وتلعب دوراً بارزاً في القرار الإقليمي.
هذا هو أردوغان فلا أحد يستغرب تناقضاته ، وسياسته خلال العقدين الماضيين كشفت حقيقتة ، ولم يعد موجوداً، لا هو ولا مصداقيته, ومحاولاته الجديدة عبر مواقفه مكشوفه ودوره على رقعة الشطرنج باتت ضعيفة , ولهذا يحاول تجميع أوراقه مجددا,,,, فهل محاولته الأخيرة تعيد دوره السابق؟ بالتأكيد لن تكون بذلك الزخم السابق , وفي حال أراد الاستفادة من تجميع حماس لديه وفق ما يطلبه منه الأمريكيون في الخفاء للضغط عليهم بعد الإنتصار الذي حققته المقاومة في قطاع غزة فإنه لم يعد بإمكانه تحقيق الاختراق الذي يسعى إليه لان حلف المقاومة كان له الدور الكبير في هذا الانتصار الذي حققته المقاومة في قطاع غزة , فهل تتخلى المقاومة عن هذه الورقة القوية لتعطيها لأروغان ويدمرهم عند اي مفترق ….بالتأكيد لن يكون كذلك كما يفكر اردوغان لأنه لم يعد ذاك اللاعب القوي على رقعة الشطرنج فبات ضعيفا ولا تصلح له إلا عبارة.. أردوغان كش ملك..
نضال بركات