جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وتقديرها واحترامها، فمن منا لا يحب كلمة “شكراً لك” إذا قمنا بخدمة ما لأحد الناس، وأجمل كلمة تقال بحق من يعمل طيباً في حياته ويحسن للناس إن كان بكلمة حسنة أو بفعل نبيل أن يقال له إنه إنسان طيب.
وعادة ما نشبه هذا الإنسان الموقر الطيب بالشجرة الوارفة الظلال التي يستظل في ظلها الناس خلال الحر وفي وقت الاستجمام، فالإنسان الطيب هو الذي يتمتع بصفات مميزة أولها الابتسامة الحانية التي ترتسم على وجهه، فحتى إن تعرض لموقف مزعج نراه يأخذ الأمور على محمل التروي والتحمل وتكون ردة الفعل عنده أن يبتسم ويعالج الأمر بهدوء ويبادل السوء بالحسنى حتى لمن أساء إليه.
وهذه الصفات قمة الطيبة والروعة عند المميز وشعاره “أحسن لمن أساء إليك” فيحصد بذاك محبة الآخرين وترحابهم له أينما وجدوه فيصبح بين الناس كحامل المسك تضوع منه الرائحة الطيبة الزكية التي تنعش القلوب.
وهذا الإنسان يتحلى أيضاً بصفة خلاقة وهي التواضع بين الناس فلا يتعالى على أحد مهما علت رتبته ومهما امتلك من المال والجاه ومهما حصل من العلم وعلا نسبه، فتراه يزداد تواضعاً كلما أثنى عليه الآخرون فهو كما وصفه الشاعر مشبهاً له بسنبلة القمح التي كلما امتلأت حباً كلما انحنت فقال الشاعر: “ملأى السنابل تنحني بتواضع .. والفارغات رؤوسهن شوامخ”.
فهذا حقيقة هو الإنسان الذي يمتلك ناصية القلوب حباً واحتراماً وتقديراً لجمال روحه وشخصيته الفذة وهناك سمة الطيب يتميز بها وهي خدمته للناس وقضاء حوائجهم وبذل الوقت لذلك حتى وإن كلفه ذلك تقديم المال وهذه سجية في نفسه بالإضافة إلى الجود والكرم .
وفي الحقيقة إن الطيبين هم كالذهب العتيق كما يقولون وكم نراهم في مجتمعنا وما أكثرهم حيث يلجأ الناس إليهم في حل المشاكل العالقة إن كانت خلافاً بين اثنين متخاصمين أو بين زوجين مختلفين فيتدخلون بكل محبة لجمع القلوب وتصالحها وشعارهم في ذلك و”الصلح خير” فما أحوجنا إلى مثل هؤلاء في حياتنا فهم البلسم الشافي والدواء الناجع لما يمتلكونه من سحر الكلمة وتوظيفها في المكان المناسب لتجبر كسراً وتنمي خيراً وتصلح أسرة نريدها متماسكة البنيان وهذه الكلمة تبني مجتمعاً قوياً نحتاجه جميعاً يعيش أفراده بسعادة غامرة، وختام القول الإنسان الطيب هو كالسنبلة الخضراء كلما جفت أصبحت قمحاً وخبزاً.
جمال الشيخ بكري
السابق