الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
لطالما ثارت حناجر شعراء الحق والحريّة بثورة الحياة، ما هابوا الصمت فاستشهدوا، قدّموا أجسادهم جسراً تعبر عليها الأجيال القادمة وبقي غضبُ حبرهم على جمرِ الوقت، واليوم وبعد أن شهدت غزّة قيامتها، أتى الشّعراء من كل فجٍّ عميق يتلون الشعر آيات نصر تطفىء جمر اللظى في قلوب المظلومين.
خمسة وسبعون عاماً والكتّاب والشّعراء يخيطون نسيج العودة إلى الأرض ما هابوا حُرقة البعد، ظلّوا يكتبون عن اشتياقهم لرائحة الليمون ومفتاح الدّار ولذّة الشهادة فكما كتب كنفاني «إن قضيّة الموت ليست على الإطلاق قضيّة الميت، إنها قضيّة الباقين المنتظرين بمرارة دورهم لكي يكونوا درساً صغيراً للعيون الحيّة»، من هنا كان أدب المقاومة الفلسطينية آنذاك سلاحاً فعّالاً في وجه الظلم، سلاحاً يعبر الحدود يوصل آلام المستضعفين في وقت لم يكن هناك تواصل اجتماعي ولا انفتاح رقمي، سلاح يوحّد الصفوف ويوحّد التضامن العربي تجاه قضيّة شعب لن يتنازل عن أرضه، بقي الصّوت الفلسطيني عالياً رغم الاعتقالات والاغتيالات والتضييق على كل من رفع صوت الحق في وجه الظلم والقهر، فذاع مصطلح أدب المقاومة لأول مرة على يدي الأديب الفلسطيني الشهيد كنفاني مبرزاً في دراسات له دور شعر المقاومة في مواجهة قمع سياسات الكيان المحتل، ودور الكلمة الصارخة أمام نيران البارود والرصاص وتوحّش الاستيطان وأفعاله القذرة، فكيف لهذا الحبر المقدّس أن يجف وقد بدأ ببسملة الجلال والكمال وانتهى بعظمة الشهداء الصادقين.
العدد 1189 –14-5-2024