الثورة – تحقيق- نيفين أحمد:
بين تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى غياب مصادر الطاقة، تحدث عدد من أصحاب المصابغ في أحياء دمشق وريفها عن معاناتهم جراء تضرر مهنتهم بشكل كبير وتردي حالهم الاقتصادي.
وعلى الرغم من تنوع وتفرع مشكلاتهم إلا أنها تصب في نفس الاتجاه والمعاناة نفسها تمس الجميع، وتبدأ من التقنين الكهربائي، والذي يرافقه انقطاع في الماء وارتفاع خيالي لأسعار القطع، وصيانتها.. وأخيراً وليس آخراً سوء المواد الأولية وارتفاع سعرها وفقدان اليد العاملة.
أمين سر جمعية كي الألبسة بدمشق وليد سكر أشار لـ”الثورة” إلى أن عمل المصبغة هو من الكماليات بسبب الصعوبات التي يواجهها أصحاب المصابغ، وأولها عدم وجود الكهرباء وتقنين جائر أدى إلى إغلاق عدة مصابغ لعدم قدرتهم على اقتناء مولدة تحمل معدات المصبغة، وإن وجدت المولدة تواجهنا صعوبة وجود المحروقات والتي يتم تأمينها من السوق السوداء بسعر عال جداً لا يتوافق مع آجار قطعة الكوي.
وأضاف: تم رفع قائمة أسعار تتناسب مع التكاليف لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك وتمت الموافقة على نصفها تقريباً، وهذا غير منصف علماً أن تسعير قطعة الكوي اليوم 2000 ليرة، وغسيل وكوي 4000 ليرة، مع العلم أن العلاقة التي توضع عليها القطعة سعرها 525 ليرة، وكيس النايلون يتراوح حسب وزن الكيس ويصل إلى 700 ليرة للكيس الواحد عدا الكهرباء وآجار العمال والمالية والخدمات.
ولفت سكر إلى أن أجرة يد العامل في المصبغة اليوم بشكل تقريبي مليون ونصف شهرياً، ويوجد أيضاً صعوبة بتأمين العامل لأنه يعتبر الأجر قليلاً، وتم تقديم كل الصعوبات لاتحاد الجمعيات الحرفية للتعامل معها ومتابعة الأعباء التي تواجه أصحابها.
وبحسب سكر- يعتبر عمل المصبغة من الكماليات وليس من الأساسيات، فبسبب الظروف الراهنة والوضع الاقتصادي، تم أيضاً تخفيف إرسال الملابس.. وتعتبر مصلحة موسمية فقط أثناء فصل الصيف بموسم السجاد والحرامات وتبديل الصيفي والشتوي، بالإضافة لعدم وجود مندوب من المالية ووضع مبالغ كبيرة للمصابغ، وتعامل كأي محل تجاري وربحي وهي ليست ربحية هذه المهنة- على حد قوله.
ونوه بأن نشرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك تحدد سعر الغسيل والكوي للقميص 4000 ليرة والبنطال غسيل 2000 وكوي 2000، وتنورة غسيل 2000 وكوي 2000، وجاكيت غسيل وكوي 5000، وفستان غسيل وكوي 3000، مانطو صيفي 3500غسيل وكوي 3500، وطقم كامل غسيل وكوي 10000، ومانطو جوخ غسيل وكوي 9000
التسعير وفق التكلفة والأسعار الرائجة
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق ماهر بيضة أكد أن الجمعية الحرفية لتنظيف وكي وصباغة الألبسة قامت بتقديم دراسة حول تكاليف بدل خدمة أسعار الغسيل والكوي بتاريخ 9/5/2023، وعلى ضوء دراسة تكاليف الجمعية قامت دائرة الأسعار بدراسة تكاليف بدل أجور خدمة الغسيل والكوي وقدمت نتائج دراستها إلى لجنة تحديد الأسعار بالمحافظة، أخذة بعين الاعتبار جميع عوامل التكلفة وحسب الأسعار الرائجة بوقتها، وبناء على الدراستين أصدرت لجنة تحديد الأسعار بالمحافظة القرار المتضمن أسعار بدل خدمة غسيل وكي الملابس، ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن لم تتقدم الجمعية بطلب، أو بدراسة جديدة لتكاليف أجور بدل خدمة غسيل وكي الملابس وفي حال تقدمها أي دراسة تدرس حسب الواقع الحالي للأسعار الرائجة، وترفع نتائج الدراسة إلى لجنة تحديد الأسعار بالمحافظة ليصار إلى إقرارها وإصدار قرار يحدد أسعار بدل خدمة غسيل وكي الملابس.
وفي جولة لـ”الثورة” على أحياء دمشق وريفها توقفنا مع عدد من أصحاب محال الصباغة أبو زين صاحب مصبغة في إحدى المناطق العشوائية.. يقول: اضطر أحياناً للنوم في المصبغة بسبب تقنين الكهرباء لأنهي عملي، ولا أدري من أين أبدأ من التقنين وتصل الكهرباء ساعة واحدة كل خمس ساعات، هذا ويرافق قطع الكهرباء انقطاع الماء وهو ما يؤثر بشكل كبير على العمل.
وذكر أنه أحياناً يضطر إلى دفع ما ربحه من عمله لتأمين المازوت بشكل حر لتشغيل المولدة الكهربائية وبنهاية الأمر “منطلع خسرانين” مشيراً إلى أنه منذ العام 2020 تم إصدار قرار بدعم المصابغ.
بدوره محمد وهو عامل في مصبغة في منطقة قدسيا أكد أن عدد المصابغ التي تغلق يرتفع باستمرار بسبب مشكلات الكهرباء والمياه والمحروقات وهي مهنة “لم تعد تجيب همها”.
ويشرح محمد أن الإقبال على خدمات الغسيل تراجع كثيراً بسبب الارتفاع بالأجور نسبة إلى ارتفاع أسعار المنظفات وفواتير المياه والضرائب.
غسل السجاد مصدر رزق
قصي صاحب مصبغة في منطقة عشوائية في المزة قال: “إن العمل أصبح متعباً بسبب وضع الكهرباء حيث لم يعد هنالك تقنين ثابت، وهذا الأمر أتعبنا، وبالنسبة للأسعار تعتبر أسعارنا مقبولة إلى حد ما ورمزية، ونراعي الوضع الصعب للناس وخاصة أنها مهنة أصبحت من الكماليات بالنسبة للكثيرين.
وعن قيمة الأسعار بين أن غسيل الملابس3000 والكوي 3000، وأما غسيل الحرامات يحدد بحسب وزنه والسجاد بحسب المتر وهناك اختلاف في السعر بين المناطق العشوائية والمناطق المنظمة.
كما أن عدداً من السيدات أصبحن يمارسن مهنة الكي في البيوت، وتقوم سلوى بغسل السجاد في منزلها بنصف الأجرة، وأصبحت مصدر رزق للكثيرين.
وتقول أم أحمد: أجور كوي الملابس أصبحت خيالية ولا يوجد جودة في العمل، لذلك أعتمد على إحدى العاملات منذ فترة طويلة، فهي من جهة توفر فرصة عمل لها، إضافة إلى كسب شغل نظيف أمام عيني.