هل أدرك بايدن مآلات العبث المجنون بوضع المنطقة على صفيح لاهب من حروب عدوانية والتماهي الكامل مع كيان إرهابي حتى يبقى لأميركا مسمار دموي في جدار المنطقة، وأن خطوات إدارته في حقول شائكة بات وخز أشواكها يدمي القدم الأميركية نتيجة انخراطه بجراىم نتنياهو الذي يتعلق بالحبال الأميركية لانتشاله سياسياً وعسكرياً من أوحال المهانة والهزائم، وهل بات يدرك أن نافورة الدم في غزة لطخت وجه واشنطن بعار الإبادة الجماعية وأن سهام انتفاضة الجامعات الأميركية باتت تصيبه في مقتل انتخابي ..هل أدرك كل ذلك لتصرح إدارته بإيقاف شحنة أسلحة لـ”إسرائيل”وأن العدوان على رفح خط أحمر؟.
يدرك بايدن أن مخالب اللوبي الصهيوني غارزة بعمق في عنق القرار الأميركي، وأنه لايمكن لقاطني البيت الأبيض إلا تقديم فروض الطاعة لـ(إسرائيل)، لكن يبدو أن الأوضاع باتت ضاغطة لدرجة أنه لامفر أمامه إلا امتصاص السخط والإيهام بمساعي سحب صواعق التفجير.
فالغوص عميقاً في وحل الرهانات والسباحة عكس تيار المتغيرات وعدم الإذعان لرجحان كفة مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة، هو حال إدارة بايدن التي تعض على أصابع الخيبة، وتدرك المأزق الذي أدخلها به نتنياهو وحكومته العنصرية والمطبلين لدمويتها في مراكز صنع القرار الأميركي، إذ إنه رغم فائض الوحشية لم تلوَ ذراع المقاومة ولم تحرز لنتنياهو نصراً، ولم تقتلع فلسطينيي غزة من جذورهم رغم التهجير والترحيل القسري.
ورقة رفح محروقة ولو فردها نتنياهو على طاولة التصعيد في الميدان، والرغبة المحمومة بتسجيل أهداف بالوقت الضائع من عمر معركة رسخت فيها قوة وقدرات المقاومة،هي مقامرة خاسرة، فالشِباك الفلسطينية أثبتت متانتها وشَباك المقاومة على امتداد رقعة محورها مصنوعة من جودة قتالية عالية واستبسال نوعي لأصحاب الأرض والحقوق، فبأي خيوط مهترئة يحيك نتنياهو أثواب المقامرات العبثية ؟!
العقارب الأميركية لن تبقى طويلاً في ساعات المنطقة تلدغ أمنها وتلسع بالحصار الجائر تعافيها ونهوضها وتنهب مقدرات شعوبها، والتغير العالمي نحو التعددية القطبية بات محتوماً ولن يبقى العالم رهين أحادية سامة يتحمل ثقل الدقائق الأميركية الملآى بالكوارث وصناعة الموت والخراب ويحبس الأنفاس بانتظار القادم الأميركي الأسوأ.