الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
ظل الوضع الإنساني الخطير في غزة في مركز اهتمام العالم منذ عدة أشهر.
وقد أعرب العديد من كبار قادة العالم وكبار مسؤولي الأمم المتحدة مراراً وتكراراً عن قلقهم العميق، وقام الناس، وخاصة الشباب، بتنظيم العديد من الاحتجاجات، بشكل متزايد أيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
ورغم كل هذا، فإن آخر الأخبار تشير بوضوح إلى أن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءاً ولا يتحسن على الإطلاق.
ويعاني مئات الآلاف من الأشخاص بالفعل من أزمة إنسانية خطيرة، وقد حدث هذا على الرغم من الدعوات العديدة لضبط النفس التي أطلقها بعض كبار المسؤولين في الأمم المتحدة.
كان الاهتمام السابق منصباً في الغالب على منع تعميق وتفاقم الهجوم على رفح والذي بدأ بالفعل على الرغم من الجهود العديدة التي تم بذلها لمنع المزيد من المعاناة لحوالي 1.4 مليون شخص يعيشون في ظروف صعبة وخطيرة فيما تم وصفه بأنه الملجأ الأخير لبعض الأشخاص الأكثر تعرضاً للتهديد الشديد والذين واجه الكثير منهم للتو نزوحاً جماعياً.
وعلى الرغم من الدعوات الدولية العديدة لتجنب الهجوم على رفح، واصلت “إسرائيل ” شن عدة غارات جوية، وأصدرت أوامر بإخلاء جماعي أولاً إلى الأجزاء الشرقية والوسطى من المدينة، ونتيجة لذلك، اضطر ما يقرب من 360.000 شخص إلى الابتعاد مرة أخرى عن “الملجأ الأخير” خلال الأسبوع الماضي.
وبينما تركز اهتمام العالم في الغالب على رفح لعدة أيام، انتشرت المخاوف في 13 أيار على منطقة أوسع مع توغل القوات الإسرائيلية في عمق الأجزاء الشمالية من غزة، مستهدفة بشكل خاص مخيم جباليا الضخم للإيواء، وهو أكبر المخيمات الثمانية والذي تم إنشاؤه منذ حوالي 75 عاماً لإيواء اللاجئين الفلسطينيين.
ونقلت تقارير إخبارية عن السكان قولهم إن قذائف الدبابات أصابت المخيم وأن الغارات الجوية دمرت مجموعات من المنازل، وقُتل 20 شخصاً في الغارات الجوية وأصيب العشرات.
ومن ثم، فمن الواضح جداً أن الوضع في شمال غزة وجنوبها يتدهور الآن، وسط كل هذا، أين مفاوضات السلام التي سمعنا عنها الكثير والتي قال عنها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنها مبنية على عرض سخي جداً من جانب” إسرائيل”؟.
ولا يمكن للمرء أن يذهب إلى مفاوضات السلام بينما يلقي القنابل في كل مكان، ويستخدم الدبابات والطائرات المقاتلة.
ومن الخصائص الأخرى لمفاوضات السلام هذه عدم شفافيتها، وفي حين تفيد التقارير أن دبلوماسيين رفيعي المستوى من عدة دول يشاركون فيها باستمرار لعدة أيام، إلا أننا لا نعرف حقاً ما الذي يحاولون تحقيقه بالضبط ومن المسؤول عن عدم التوصل إلى اتفاق سلام.
غالباً ما تكون التصريحات الواردة من بعض المصادر حول هذه الجهود غامضة للغاية ومخيبة للآمال. وبالمثل، فإن التصريحات الأخيرة للرئيس جو بايدن، والتي كانت تهدف على ما يبدو إلى طمأنة الرأي العام المحلي والدولي بأن “إسرائيل” لن تحصل على أسلحة أمريكية لهجوم رفح، كانت في الواقع غامضة للغاية ولا توضح ما إذا كانت” إسرائيل” قد حصلت بالفعل على الكثير من الذخيرة والأسلحة التي ستكون كافية للهجوم بغض النظر عن أي توقف مؤقت للإمدادات من الولايات المتحدة، حتى لو أصبح ذلك ساري المفعول.
صرحت مصر، إحدى الدول الرائدة المشاركة في مفاوضات السلام، في 12 أيار بأنها ستتدخل لدعم قضية جنوب أفريقيا ضد “إسرائيل” في محكمة العدل الدولية، وجاء في بيان للخارجية المصرية، “أن الإعلان عن التدخل في هذه الحالة يأتي في ظل اتساع نطاق وحجم الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة”.
وحقيقة أن مثل هذا التصريح قد تم الإدلاء به رسمياً من قبل دولة منخرطة إلى حد كبير في مفاوضات السلام، ويعكس الكثير من خيبة الأمل المتزايدة التي تشعر بها مصر إزاء المواقف الإسرائيلية تجاه جهود السلام.
وفي الوقت نفسه، طلبت جنوب أفريقيا، في 10 أيار، من محكمة العدل الدولية أن تأمر “إسرائيل” بالانسحاب من رفح، كجزء من إجراءات الطوارئ الإضافية في قضيتها المستمرة.
ومع الوضع في الاعتبار الخطورة المتزايدة للأزمة الإنسانية في غزة، فإن جهود السلام الدولية والحركات الشعبية يجب أن تركز الآن على المطالب الرئيسية المتمثلة في وقف إطلاق النار الفوري وزيادة كبيرة في جهود الإغاثة، يجب أن يكون التركيز الكامل على هذا، ويمكن لأشياء أخرى أن تنتظر. وينبغي تجنب الشعارات الاستفزازية التي لا داعي لها والتي يمكن أن تزيد من سوء الفهم.
المصدر – غلوبال ريسيرش
