إن قضية فلسطين كانت من أولويات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ورفاقهم الذين استشهدوا في تحطم المروحية التي كانوا يستقلونها لدى عودتهم من أذربيجان الشرقية, والرئيس الشهيد كان من الداعمين لقوى المقاومة وعلى رأسها المقاومة الفلسطينية خاصة في هذه الفترة التي عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن كانت في أدراج النسيان لعقود طويلة بسبب المطبعين العرب الذين وقعوا اتفاقات استسلام مع الكيان الصهيوني, لكن هذه الاتفاقات باتت ضعيفة بعد طوفان الأقصى الذي أدخل الكيان الإسرائيلي في رعب حقيقي بسبب بسالة المقاومة الفلسطينية المدعومة من محور المقاومة وفي المقدمة إيران التي كان يرأسها هذه الفترة الرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي.
لقد تابع العالم بأسره قضية سقوط المروحية التي كانت تقل الرئيس الشهيد ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما وبقيت هذه المتابعة لساعات طويلة إلى حين الإعلان عن وفاة الرئيس ومرافقيه ما شكل صدمة لجميع محبي إيران والرئيس ووزير خارجيته اللذين كانا يهتمان كثيراً بقضية فلسطين في جميع المحافل الدولية, خاصة في هذه الفترة التي يتعرض فيها قطاع غزة لمجازر رهيبة على يد الصهاينة.
وقد كان للرئيس الشهيد مواقف قوية قبل أيام دعماً للقضية الفلسطينية لدى اجتماعه بمجموعة من الكتاب والشخصيات الأدبية والثقافية البارزة في العالم الإسلامي أكد خلالها أن قضية فلسطين أصبحت اليوم القضية الأولى والمشتركة بين جميع الدول الإسلامية والحرة في العالم، واصفاً هذه الوحدة والتلاحم الفريد بأنه أساس النصر النهائي للفلسطينيين, وهذا الموقف أكده أيضاً خلال لقائه بقادة المقاومة الفلسطينية وقال إن إيران تضع القضية الفلسطينية دائماً على رأس أولوياتها في السياسة الخارجية, وفي كلمته بفعالية منبر القدس، أشاد الرئيس رئيسي بتصميم الشعب الفلسطيني وأهل غزة الذين يقفون بصمود على جبهة الجهاد والمقاومة, وأكد أن “العمليات التاريخية التي قام بها الفلسطينيون ضد الكيان الصهيوني تقربنا من النصر المنتظر”. وأشار إلى أن الكيان الصهيوني يتجاهل القانون الدولي والإنساني في قطاع غزة، وذلك وسط صمت دولي مخجل.
وفي كلمته أمام مؤتمر الوحدة الإسلامية أكد الرئيس الشهيد، أن القضية الفلسطينية والقدس هي أهم قضايا العالم الإسلامي وأن المقاومة هي السبيل لإنقاذها.
هذه المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية كانت أبرز نشاطات الرئيس الشهيد خلال الفترة السابقة التي أعادت القضية الفلسطينية مجدداً إلى الواجهة ليزيد ذلك من قلق الإسرائيليين, وهذا ما عكسته الصحافة الإسرائيلية ففي صحيفة هآرتس قال المحلل الإسرائيلي تسفي باريل إن الوضع لن يتغير في إيران بعد مقتل رئيسي والنجاح الاستراتيجي الذي حققته إيران والمنظمات الموالية لها في الحرب الحالية، أنشأت إحباطاً بالغاً في “إسرائيل”, أما صحيفة يديعوت أحرونوت فقد قال الباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، د. راز تسيمت، إن إيران جاهزة من الناحية القانونية والتنظيمية للتعامل مع رحيل رئيسي المفاجئ وفي صحيفة “يسرائيل هيوم” قالت الباحثة في الشؤون الإيرانية بجامعة حيفا، د. تمار عيلام غيندين، إن رحيل الرئيس رئيسي لن يغير شيئاً وتبقى على سياستها خاصة وأن إيران فقدت في السنوات الأخيرة مسؤولين مؤثرين وهامين، مثل قاسم سليماني.
لقد ساهمت إيران في صمود الشعب الفلسطيني في وجه حرب الإبادة التي يتعرّض لها على يد الصهاينة, والمعادلة التي فرضتها المقاومة في طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي ألحقت الهزيمة بالعدو الإسرائيلي وكسرت شوكته ولم يكن ذلك إلا بالدعم الإيراني اللا محدود وعلى كافة المستويات السياسية والعسكرية والمالية وحتى الإعلامية.
إن استشهاد الرئيس رئيسي لن يغير شيئاً من سياسة إيران الداعمة للقضية الفلسطينية والتي كانت موجودة منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وحتى الآن سياسياً وعسكرياً وأخذت موقع المواجهة مع الكيان الإسرائيلي، وملأت الفراغ الذي تركه الانسحاب العربي من ذلك الصراع وعقد اتفاقات استسلام مع “إسرائيل”, ولم يبق على ساحة المواجهة إلا سورية التي دفعت ثمناً باهظاً بسياستها الداعمة للقضية الفلسطينية.
وباستشهاد الرئيس رئيسي ورفاقه لن تتوقف المسيرة بل ستستمر إيران ومحور المقاومة وبقوة في دعم قضية الفلسطينية التي لن تعود إلى أدراج النسيان وحركت الرأي العام العالمي وأظهرت حقيقة الكيان الإسرائيلي الغاصب ومجازره بحق الشعب الفلسطيني.
نضال بركات