خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:
مرت الذكرى الثالثة للانتصار في معركة سيف القدس بتاريخ 21 مايو 2021م وما أشبه اليوم بالأمس حيث تتكرر النتائج الاستراتيجية في معركة طوفان الأقصى، وبلا شك أن محورهما واحد باتجاه القدس وتحرير الأقصى الشريف وتحرير كامل فلسطين من النهر إلى البحر .
ما تحقق بعد وقف إطلاق النار في معركة سيف القدس يتحقق اليوم من حيث النتائج مع أن طوفان الأقصى وضع قوى الشر والطغيان في تحالف عالمي أعلن منذ الوهلة الأولى لمحاولة إنقاذ كيان الاحتلال الصهيوني بعد هجمة السابع من أكتوبر 2023م التي ما زالت آثارها مستمرة إلى أمد بعيد تجسد قصة النضال الفلسطيني وتراتبية محطات التحرير كما أن العدوان الحالي لم يترك حجراً أو شجراً في قطاع غزة في عدوان همجي لم يعهده التاريخ حتى في أكثر قوى الاستعمار إجراماً وعدواناً لكن النتائج واحدة بين المعركتين، فقد أثبتت المقاومة حقيقة الردع الصاروخي والطائرات المسيرة، والمعلومات الاستخبارية الدقيقة في عمق الأراضي المحتلة، والدقة المتناهية في اختيار الأهداف وأن الرهان عليها في تحقيق النصر لكامل التراب الفلسطيني.
إن معركة سيف القدس التي اندفع فيها كل أبناء فلسطين التاريخية والتفوا حول قوى المقاومة، فأعادت الآمال للأمة في مشروع التحرير العظيم وهو ما يحدث اليوم في معركة طوفان الأقصى بعد ثمانية أشهر من العدوان وما زال الشعب الفلسطيني يقف صامدا في وجه الآلة الصهيونية.
في معركة سيف القدس فشلت كل المشاريع الصهيوأمريكية المرسومة على أرض فلسطين وما جاورها، ووجهت ضربة لاتفاقات التطبيع مع العدو الصهيوني، وما سجله طوفان الأقصى دمر كل آمال التطبيع لدى الصهاينة.
معركة سيف القدس وضعت العدو الصهيوني بين قوتين من قوى المقاومة إحداهما في الشمال مع حزب الله، والآخر في الجنوب مع المقاومة الفلسطينية، وهو ما يحدث فعلاً اليوم في طوفان الأقصى وما يتجسد من وحدة الساحات بل أن المعركة الحالية مع العدو قدم فيها الأشقاء باليمن ملحمة بطولية وكذلك المقاومة في العراق.
معركة القدس وضعت كامل الأراضي الفلسطينية تحت مرمى صواريخ المقاومة من الجليل الأعلى إلى النقب، واليوم في طوفان الأقصى المقاومة الفلسطينية وقوى المقاومة تحقق نفس المعادلة.
معركة سيف القدس أحييت قضية فلسطين في قلوب الملايين من أبناء الأمة ووحدت جميع أبناء الأمة بمختلف فئاتها وتوجهاتها وقد تفاعلت معها منذ اندلاع الأحداث وحتى إعلان النصر، وجاء طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني على قطاع غزة ليضع القضية الفلسطينية في صدارة المشهد العالمي وقد وقفت الشعوب الحرة وقفة صادقة ومازالت الميادين العالمية تعج بالوقفات وما شاهده العالم من وقفات ومظاهرات لطلبة الجامعات يؤكد أن القضية حققت أحد أبرز الأهداف ورفعتها أمام الرأي العام العالمي بل أن الأمين العام للأمم المتحدة غوتريش عبر عن إدانته الكبيرة للكيان الصهيوني على غير المعتاد من قبل الأمناء العامين في المنظمة الدولية فهذا بحد ذاته تقدم كبير تحققه القضية الفلسطينية.
أثبتت الجماهير العربية أنها مستعدة للتضحية والشهادة من أجل فلسطين ومقدساتها، كما أن الأمة العربية جميعاً التي خرجت في مسيرات من موريتانيا إلى سلطنة عمان تبرز نفس المشهد في طوفان الأقصى بل أن الجماهير العربية في الأردن وصلت إلى الحدود وكادت تنطلق إلى داخل أراضي فلسطين المحتلة.
سيف القدس أعاد الفرحة والطمأنينة والثقة بين جماهير الأمة وأن النصر قد اقترب وأن الاحتلال الصهيوني إلى زوال، وأحيت الحلم لأبناء الأمة قبل رحيل هذا الجيل، وهو ما تجسد بالفعل بشكل كبير في معركة طوفان الأقصى بل إن المستوطنين الصهاينة أدركوا أن بقاءهم في فلسطين يمثل خطراً على حياتهم وحياة أبنائهم فغادر الكثير منهم وما زالت عجلة الهجرة العكسية مستمرة.
ما بعد سيف القدس ليس كما قبله فالمقاومة اليوم قررت بالقوة في الزمان والمكان، وأذلت العدو وتقهقر أمام ضرباتها، وأفقدت الكيان ومستوطنيه الأمن والاستقرار وأبقت الصهاينة في ملاجئ تحت الأرض طوال فترة المواجهة وشلت أركان الحياة في كيان الاحتلال وكبدته خسائر مؤلمة، ومرغت هيبته أمام العالم، وهذه النتيجة الاستراتيجية تتحقق اليوم في معركة طوفان الأقصى وما زالت المقاومة حتى اليوم تدك معاقل الضلال والطغيان وقد أساءت وجه العدو وهي في طريقها إلى تحقيق النصر والتمكين.
المقاومة الفلسطينية فرضت شروطها بعد انجلاء غبار معركة سيف القدس، ولم تكن متعجلة بوقف إطلاق النار بل العدو الصهيوني هو من استغاث بالوسطاء، فجاءت الوساطة المصرية وفق إرادة فصائل المقاومة الفلسطينية علما أن المقاومة كانت تنوي توجيه ضربة قاصمة مفاجئة وموجعة للعدو خلال اليوم الأخير قبل وقف إطلاق النار، وهذا المشهد يتكرر بعد ثمانية أشهر في معركة طوفان الأقصى فالمقاوم بمختلف فصائلها وعلى رأسها القسام تقود المعركة في الميدان ورغم الدمار الكبير وآلاف الشهداء من المدنيين لم تخضع بل تفرض شروطها في المفاوضات وتدك معاقل الاحتلال في الميدان.
هكذا كان النصر في معركة سيف القدس وهكذا جاءت معركة طوفان الأقصى بالتمكين والنصر، ولا شك أن العدالة ستطال هؤلاء الطغاة وسيؤول تحالف الشيطان إلى خسران مبين وهو ما يتحقق اليوم. ومن ارتقى ناله الشرف العظيم بالشهادة ومن بقي ينتظر النصر والتمكين.
* المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطن العمانية ورأي اليوم.