أسعار كاوية لجيوب المواطنين وارتفاع كبير بسعر الصرف، والذهب يحلق لمستويات قياسية غير مسبوقة، وعشرات الأسئلة المتداولة بين الناس لا تجد إجابات لها لدى مؤسساتنا عن مبررات ما يحصل وأسبابه وإن كان في جعبتهم الأدوات اللازمة لمواجهة هذا الوضع وتجاوزه، حتى نحن بتنا بدائرة الانتقاد من الناس كوننا نتناول الوضع ولا أحد يأخذ بما نكتب.
وما يحضر هنا كمثال بسيط عن الفوضى الحاصلة بالأسواق وتواضع الإجراءات المتخذة من الجهات التنفيذية، الصدمة التي تلقاها المستهلك مع بدء موسم تخزين الثوم، المنتج الزراعي المحلي والأسعار المرتفعة جداً للمادة والتي وصلت بالنسبة لبعض أنواعة لنحو 50 ألف ليرة، وما حصل خلال اليومين الماضيين من تراجع كبير أيضاً بسعره، وهو أمر مريح ومطلوب لا بل ومنطقي بالنسبة للناس، ولكن طرح العديد من إشارات الاستفهام حول إن كان الانخفاض مرتبطاً بإجراءات اقتصادية تدخلية مباشرة من الجهات المعنية لفرملة الخلل الذي ساد بالسوق، وعدم السماح للتجار والمتلاعبين بالسوق لتكرار أزمة البصل في العام الماضي، أو أن التجار تراجعوا عن الاحتكار، أو هو وقف تصديره، وبالتالي تخوف المحتكرين من الخسارة.
أسئلة عديدة تحتاج فعلاً لإجابات واضحة، ولكن الواضح وما أفرزته تجربة السنوات الأخيرة أن الإجراءات التدخلية لأذرع الحكومة وفي مقدمها السورية للتجارة لم ترتق حتى الآن لمستوى المهام والصلاحيات والأهداف المطلوبة منها بمثل هذه الحالات، ونعتقد أنها ترواح بالمكان طالما أن بوصلتها لتأمين مواد وسلع صالاتها تتجه نحو التجار لا أراضي الفلاحين والمزارعين، وبالتالي ستبقى خارج دائرة تنفيذ أهم أهدافها وهو كسر أسعار التجار لمصلحة المستهلك لا أن تكون أسعار صالاتها توازي السوق لا بل وتزيد بالنسبة لبعض المواد، وهذا أمر لم يعد مقبولاً طالما أن لديها صلاحيات واسعة تتيح لها لعب دور التاجر الكبير في السوق.
ونعتقد صراحة أن ترك ساحة العمل للتجار والمحتكرين، وتخلي السورية للتجارة عن المساحة الواسعة والمتاحة لتدخلها لهم هو أحد أكبر الأسباب لواقع الفوضى والخلل الحاصل بالسوق، كما أن تعويل القائمين على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على التجار للعب دور أكثر خصوصية بهذا الظرف انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية والتنموية المطلوبة منهم كما أكدوا لهم خلال اجتماع الهيئة العامة السنوي لاتحاد غرف التجارة السورية لن يؤتي نتائجه على الأرض، لأن الشعار الذي عمل ولا يزال يعمل به غالبية التجار هو الربح الفاحش دون أدنى مسؤولية أخلاقية من أدبيات العمل التجاري، لذلك لا بديل عن دور الدولة التدخلي والقوي حماية للمستهلك.